للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

أخي قل: قال الله. فالنبي عليه الصلاة والسلام - وهو لا شك أنه اعلم بالله منك، وأشد تعظيما لله منك - كان إذا أراد أن يتحدث عن الله عز وجل بالحديث القسي يقول: ((قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك)) (١) . ولم يقل صلى الله عليه وسلم: قال الحق، ولكن بعض الناس يريد أن يجدد، والتجديد في مثل هذه الأمور لا ينبغي، وإتباع السلف في هذه الأمور أولى من التجديد.

وقوله: (كنز الهدى) : يعني أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو الكنز، لكن ليس كنز الذهب والفضة، ولكنه كنز الهدى، أي: هدى الدلالة والإرشاد، فالنبي عليه الصلاة والسلام هو العلم والمنار الذي يهتدي به، لكنه ليس كنز الهدى الذي بمعنى التوفيق، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يهدي أحداً أبداً.

ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يهدي أحداً لهدى عمه أبا طالب الذي أحسن إليه، ودافع عنه، وناضل عنه، وحماه. ومع ذلك كان يقول له عند موته: ((يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)) (٢) ، ولكنه والعياذ بالله قد حقت عليه كلمة العذاب، فلم يقل هذا، وإنما كان آخر قوله: هو على ملة عبد المطلب، فأبى أن يقول لا إله ألا الله، ولكن من اجل أن هذا الرجل دافع عن الإسلام، وحمى النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، جازاه الله عز وجل بجزاء لم يكن لغيره من لكافرين، فأذن الله لنبيه أن يشفع فيه فشفع فيه النبي عليه الصلاة والسلام، أي في أبي طالب، فكان في ضحضاح من نار وعليه


(١) رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥) .
(٢) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب قصة أبي طالب، رقم (٣٨٨٤) .