سابعاً: قال المؤلف رحمه الله: (وقمع كفر) يعني إذا ظهر، وهذا غير ذب الجحود، لأن ذب الجحود يعني دفعه ومنعه، أما هذا فقمع الكفر بعد وقوعه.
والكفر كما نعلم كفر صريح بالسلاح، وهذا له الجهاد، وكفر باطن وهذا أيضاً يجب أن يقمع، مثل أن يكون هذا الرجل متظاهراً بالإسلام لكن له أفكار رديئة ينشرها في الأمة، فهذا أيضا يجب على ولي الأمر أن يقمعه، ولا يجوز له أن يمكنه من كفره الذي ينشره في الأمة، وإن كان يتظاهر بالإسلام؛ وذلك لأنه إذا لم يقم بهذا انتشر الكفر واستشرى في الأمة من حيث لا يعلم.
وقد يقول قائل إذا كان هذا الرجل له فكر رديء يدعو إليه وأنتم تقولون: إن الإسلام يعطي كل إنسان حريته فأفسحوا المجال لكل من عنده رأي أو فكر يتكلم بما شاء، وإلا فقد كذبتم في دعواكم؟
ويجاب على هذا القائل بأن نقول: نعم، نحن نقول: إن الإسلام قد أعطى كل إنسان حريته، لكن ما هي الحرية الصحيحة؟ إن الحرية الصحيحة هي التحرر من قيود الشيطان، ومن قيود النفس الأمارة بالسوء، ولهذا فإن كل من خالف الشرع فإنه رقيق وليس بحر، والى هذا يشير ابن القيم رحمه الله في بيت أرى أن يكتب بماء الذهب، يقول:
(١) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم، رقم (٤٥٥٢) ، ومسلم، كتاب الاقضة، باب اليمين على المدعي عليه، رقم (١٧١١) .