والفرق أن فعله لدفع الإكراه يعني لا يريد به إلا أن يدفع إكراه هذا الرجل ولا يريد الفعل، أما فعله للإكراه فيعني أنه يريد الفعل، لكن لأنه مكره لا اختياراً للفعل، فالأول لم ينو الفعل أصلا ًإنما هو مدافع فقط أي يدافع الإكراه، والثاني نوى الفعل لكن من أجل الإكراه وقلبه مطمئن.
وهناك مرتبة ثالثة وهي أن يفعل الفعل مع الاطمئنان إليه فهذا له حكم الفاعل بدون إكراه.
وقد يقول قائل: إن هذه مسألة فرضية ولا يمكن أن توجد. لكن نقول: أنها قد توجد، فقد يكون الرجل يكره المعصية التي أمر بها، لكن يجعل الإكراه سبباً مبيحاً، فهو يريد المعصية لكنه قبل الإكراه لا يفعلها، فيجعل الإكراه سبباً لاستباحتها.
مثال ذلك: لو فرضنا أن رجلاً يحب الزنا والعياذ بالله ويريده، لكن ما دام لم يحرض فهو مجتنب له، فإذا جاء أحد يكرهه سواء من المرأة نفسها أو من غيرها، فعله حباً له وتعلل بأنه مكره، وهذا أمر يقع.
ولذلك قال الفقهاء رحمهم الله: إن الرجل إذا اكره على الزنا فزنى فإنه تجب إقامة الحد عليه، ولو أكرهت المرأة لم تجب إقامة الحد عليها، وعللوا ذلك فقالوا: لأن الرجل لا يمكن أن يجامع إلا إذا انتشر ذكره، ولا انتشار إلا بإرادة، فكأن هذا الرجل يريد الزنا لكنه يخشى من اللوم.