والتغيير باللسان ليس أن تقول: يا فلان لا تفعل هذا اتق الله، بل أن تنتهره، وأن تريه سلطة وقدرة استعلاء بالحق، فهذا التغيير باللسان.
ثم قال المؤلف رحمه الله:(لمنكر واحذر من النقصان) - النقصان هو أن تغير بالقلب؛ لأنه اضعف الإيمان. لكن هل الإنسان يمكن أن يغير بالقلب؟ ، الجواب: نعم، يمكن؛ بالكراهة للمنكر وعدم مخالطة فاعليه، لقول الله تبارك وتعالى:(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ)(النساء: الآية١٤٠) إنكم إذاً - أي إذا قعدتم - مثلهم.
فإذا فرضنا أن قوماً يلعبون الشطرنج ومعهم رجل صالح، فقال: يا قوم اتقوا الله، هذا حرام لا يجوز، قالوا: لن ندع هذا، فلا يجوز أن يجلس معهم، لكنهم إذا قالوا له: إن خرجت سنفعل بك كذا وكذا فجلس، فلا يأثم لأنه مكره على الجلوس، فإن قال: أنا لم اكره على الجلوس لكن أخشى إن ذهبت أن يقع بيني وبينهم عداوة، فإننا نقول له: وليكن، إنك إذا عاديتهم لله، فإنه لا يضرك، فإن قال: أخشى أن يقع بيني وبينهم قطيعة رحم، فنقول: لا يقع بينك وبينهم قطيعة رحم، صلهم أنت فإن صلة الرحم من قبلك ممكنة، وليست متعذرة، وأنت إذا وصلتهم وهم يقطعونك فكأنما تسفهم المل، كما جاء في الحديث (١) .
فالحاصل أن التغيير له ثلاث مراتب؛ الأول باليد والثاني باللسان والثالث بالقلب، ومعنى التغيير بالقلب: الكراهة وعدم المخالطة.
(١) رواه مسلم كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها، رقم (٢٥٥٨) .