للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
مسار الصفحة الحالية:

((إن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد)) ، فالبليد يبقى ساعات ليحل سطراً مما كتب فيه، والذكي لا يحتاج إليه، وإذا كان الذكي لا يحتاج إليه والبليد لا ينتفع به، إذاً فإن دراسته مضيعة وقت.

وهذا الكلام من شيخ الإسلام يدل على أن أدنى أحواله الكراهة، والعلماء رحمهم الله اختلفوا فيه؛ فمنهم من حرمه ومنهم من قال: ينبغي أن يعلم، ومنهم من فصل، فقال: الإنسان الذي عنده منعة لا يؤثر على عقيدته فإنه ينبغي أن يتعلمه ليحاج به قومه، أي قوم المنطق، ومن لم يكن كذلك فلا يتعلمه لأنه ضلال.

والصحيح أنه لا يتعلمه مطلقاً؛ لأنه مضيعة وقت، لكن إذا اضطر إلى شيء منه فليراجع ما اضطر إليه فقط، ليكون تعلمه إياه كأكل الميتة، يحل للضرورة وبقدر الضرورة، فإذا كان هناك اضطرار أخذ من علم المنطق ما يضطر إليه فقط، أما أن يتوسع ويضيع وقته فيه فلا.

وذلك لأنه ما ادخل علم المنطق على المسلمين إلا البلاء، حتى أوصلهم إلى أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، وينكروا على الله ما وصف به نفسه، فالمسألة خطيرة، والله عز وجل نزل الكتاب تبياناً لكل شيء، لا يحتاج الناس إلى شيء بعد كتاب الله، وأمر عند التنازع أن يرد إلى الكتاب والسنة، قال تعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء: الآية٥٩)) .

وقول المؤلف رحمه الله:

مدارك العلوم في العيان ... محصورة في الحد والبرهان