وقال تعالى:(فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ)(النحل: الآية ٧٤) ومعلوم أن المحافظة على لفظ النص لا سيما في هذه الأمور الدقيقة أولى من الإتيان بلفظ آخر، ولو ادعى من أتى به أنه مرادف للفظ الذي جاء به النص.
الوجه الثاني: أن نفي التشبيه فيه إجمال، لأنه إن أراد نفي التشبيه من كل وجه فهذا غلط، وإن أراد نفي التشبيه في كل الصفات فهذا هو نفي التمثيل، ومع ذلك أنه إن أراد نفي التشبيه من كل وجه؛ أي أنه لا يشابه الخلق في أي شيء، وفي أي وجه من الوجوه فهذا خطأ، وإن أراد نفي التشبيه، يعني نفي أنه مشابه للخلق من كل وجه وفي كل معنى فهذا يكفي عنه التمثيل، لان هذا هو نفي التمثيل، وهو كاف عنه.
أما الأول: وهو إن أراد نفي المشابهة من كل وجه، يعني أنه لا يشبههم بأي وجه من الوجوه فهذا باطل؛ لأنه ما من شيئين موجودين إلا وبينهما تشابه من بعض الوجوه، واشتراك في بعض المعاني، فمثلا الحياة يتصف بها الخالق ويتصف بها المخلوق، فبينهما تشابه من حيث أصل الصفة وهي الحياة، ولولا هذا التشابه المشترك بين صفات الله وصفات المخلوق ما عرفنا معاني صفات الله فلابد أن يكون هناك اشتراك وتشابه من بعض الوجوه.
كذلك لله علم وللمخلوق علم، وبين علم الله وعلم المخلوق تشابه من حيث أصل المعنى فالمخلوق يدرك ما يعلمه والخالق عز وجل كذلك، فهناك اشتراك في أصل المعنى.
كذلك للمخلوق بصر وللخالق بصر، فالبصر للخالق والمخلوق مشتركان في أصل الرؤية، فبينهما تشابه من هذا الوجه لكنهما لا يتماثلان؛