للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيس َ ابْنِ بِنْتِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَجْلِسًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عجبا مِنَ الْعَجَبِ؟ قَالَ: «هَاتِ يَا ابْنَ سَلَامٍ» . قَالَ: خَرَجَ حِمْيَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ فِي مَصِيدٍ لَهُ، حَتَّى إِذَا أَصْحَرَ انْسَابَتْ حَيَّةٌ تَحْتَ قَوَائِمِ فَرَسِهِ، فَقَامَتْ عَلَى ذَنَبِهَا، فَقَالَتْ: يَا حِمْيَرُ، آوِنِي، آوَاكَ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ قَالَ لَهَا: مِمَّنْ؟ قَالَتْ: مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَطْعَنِّني بِسَيْفِهِ إِرْبًا إِرْبًا. قَالَ: فَأَيْنَ أُدْخِلُكِ؟ قَالَتْ: فِي فِيكَ، إِنْ أَرَدْتَ الْمَعْرُوفَ. قَالَ: هَذَا فَمِي. فَانْسَابِتِ الْحَيَّةُ، فَدَخَلَتْ فِي فِيهِ، فَمَادَتْ فِي ⦗١٠٥⦘ جَوْفِهِ، فَجَاءَ الرَّجُلُ مُغْضَبًا، بِيَدِهِ سَيْفٌ يَطْلُبُهَا، فَقَالَ: يَا شَيْخُ، الْحَيَّةُ الَّتِي أَنَاخَتْ بِكَنَفِكَ، وَانْسَابَتْ تَحْتَ قَوَائِمِ دَابَّتِكَ، أَرَأَيْتَهَا؟ فَقَالَ حِمْيَرٌ: لَا، فَقَالَ: عَظُمَتْ كَلِمَةٌ خَرَجَتْ مِنْ فِيكَ فَقَالَ حِمْيَرٌ: اللَّهُمَّ غَفْرًا أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَرَهَا، فَتُكَذِّبُنِي، وَتُرَدُّ عَلَيَّ لَفْظِي، مَا جَاءَ مِنْكَ أَعْظَمُ قَالَ: فَمَضَى الرَّجُلُ لِسَبِيلِهِ، فَقَالَتِ الْحَيَّةُ مِنْ جَوْفِهِ: مَا فَعَلَ الرَّجُلُ، أَيَأْخُذُهُ بَصَرُكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِذْ رَعَيْتَ حَقِّي، وَحَفِظْتَ ذِمَامِي، فَاخْتَرْ مِنِّي وَاحِدَةً مِنَ اثْنَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ أَنْكُتُ قَلْبَكَ نُكْتَةً أَدَعَكَ مِنْهَا رَمِيمًا، وَإِمَّا أَنْ أَنْقُرَ كَبِدَكَ فَأُخْرِجَهَا مِنْ أَسْفَلِكَ قِطَعًا قَالَ: مَا كَافَأْتَنِي أَنْقَذْتُكِ مِنْ عَدُوِّكِ، وَجَعَلْتُ جَوْفِي لَكِ وِعَاءً، فَأَعْقَبْتِنِي أَنْ تَنْقُرِي كَبِدِي، أَوْ تَنْكُتِي قَلْبِي فَقَالَتْ: يَا جَاهِلُ، اتِّخَاذُكَ عِنْدِي الْمَعْرُوفَ لِأَيِّ شَيْءٍ؟ وَاللَّهِ مَا لِي دَارٌ أَسْكُنُهَا، وَلَا مَالٌ أَمْلِكُهُ، وَلَا دَابَّةٌ أَحْمِلُكَ عَلَى ظَهْرِهَا، وَلَقَدْ عَلِمْتَ عَدَاوَتِي لِأَبِيكَ آدَمَ، حَتَّى أَخْرَجْتُهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَهْبَطْتُهُ إِلَى الْأَرْضِ قَالَ: أَرَدْتُ بِذَلِكَ وَجْهَ الْأَعَزِّ الْأَكْرَمِ قَالَتْ: مَا بُدَّ مِنْ أَنْ أُنْزِلَ بِكَ النَّازِلَةَ، وَأُوقِعَ بِكَ الْوَاقِعَةَ، قَالَ: فَلْيَكُنْ مَا أَرَدْتِ بِي فِي هَذَا الْجَبَلِ، وَعَنْ يَمِينِهِ جَبَلٌ، قَدِ امْتَدَّ ظِلُّهُ، وَتَنَاثَرَتْ ثِمَارُهُ، وَاطَّرَدَ أَنْهَارُهُ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ كَئِيبًا حَزِينًا يَمْشِي فِي سَفْحِ الْجَبَلِ، قَدِ انْتَهَى إِلَى عَيْنٍ فِي الْجَبَلِ، وَإِذَا عَلَى الْعَيْنِ شَابٌّ كَأَنَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ فِي لَيْلَةِ الْبَدْرِ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ، مَا لِي أَرَاكَ ضَعِيفَ الْحِيلَةِ، قَلَبَكَ الْعَزَاءُ؟ قَالَ: مِنْ عَدُوٍّ فِي جَوْفِي، أَمَّنْتُهُ مِنْ عَدُوِّهِ، فَأَعْقَبَنِي عَلَى أَنَّهُ يَنْكُتُ قَلْبِي، أَوْ يَنْقُرُ كَبِدِي، فَقَالَ: أَتَاكَ الْغَوْثُ مِنْ رَبِّكِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي فِي مُلْكِهِ يَقْضِي وَيَخْتَارُ. قَالَ: فَأَوْمَى الْفَتَى بِيَدِهِ إِلَى رَدَنِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ قِطْعَةً، فَأَطْعَمَهَا الشَّيْخُ، فَاخْتَلَجَتْ وَجْنَتَاهُ، ثُمَّ أَطْعَمَهُ الثَّانِيَةَ، فَوَجَدَ تَمَخُّضًا فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ أَطْعَمَهُ الثَّالِثَةَ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ أَسْفَلِهِ قِطَعًا، الرَّأْسَ وَالذَّنَبَ وَالْوَسَطَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ حِمْيَرٌ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ الَّذِي لَا أَحَدَ أَعْظَمُ عَلَيَّ مِنَّةً مِنْكَ، وَلَا أَنَا أَجِدُ أَعْظَمَ شُكْرًا مِنِّي لَكَ؟ فَقَالَ: أَوَ مَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: لَا , قَالَ: أَنَا الْمَعْرُوفُ، لَقَدِ اضْطَرَبَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ مِنْ خِذْلَانِ الْحَيَّةِ لَكَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا مَعْرُوفُ، انْزِلْ ⦗١٠٦⦘ إِلَى عَبْدِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي خَلَقْتُكَ فِيهَا، فَقَدْ أَرَدْتَ شَيْئًا لِوَجْهِي، فَأَعْقَبْتُكَ عُقْبَى الصَّابِرِينَ، وَنَجَّيْتُكَ مِنْ عَدُوِّكَ»

<<  <   >  >>