للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠ - وَرَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ ⦗٤٩⦘ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَسَّالُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ إِيَادٍ وَعَبْدُ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّكُمْ يَعْرِفُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟» قَالُوا: كُلُّنَا نَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَمَا فَعَلَ؟» قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَرْحَمُ اللَّهُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ مَا أَنْسَاهُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بِسُوقِ عُكَاظٍ، فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ أَوْرَقَ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ عَلَيْهِ حَلَاوَةٌ، وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَمِعُوا، وَاسْمَعُوا، وَاحْفَظُوا، وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، كُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، إِنَّ اللَّيْلَ لَيْلٌ دَاجٍ، وَالسَّمَاءُ ذَاتُ الْأَبْرَاجِ، بِحَارٌ تَزْخَرُ، وَنُجُومٌ تَزْهَرُ، وَمَطَرٌ وَنَبَاتٌ، وَآبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ، وَذَاهِبٌ وَآتٍ، وَضَوْءٌ وَظَلَامٌ، وَبِرٌّ وَآثَامٌ، لِبَاسٌ وَمَرْكَبٌ وَمَشْرَبٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، مِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَنُجُومٌ تَمُورُ، وَبِحَارٌ لَا تَغُورُ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا حَقًّا، لَئِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ رِضًا، لَيَكُونَنَّ سَخَطًا، إِنَّ لِلَّهِ دِينًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، مَا لِي أَرَى الْقَوْمَ يَذْهَبُونَ، وَلَا يَرْجِعُونَ أَرَضُوا بِالْمُقَامِ هُنَالِكَ فَأَقَامُوا أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا ثُمَّ قَالَ: أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا بَرًّا، لَا إِثْمَ فِيهِ، مَا لِلَّهِ عَلَى الْأَرْضِ دِينٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينٍ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ، وَأَدْرَكَكُمْ أَوَانُهُ، طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَاتَّبَعَهُ وَوَيْلٌ لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَفَارَقَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَ، يَقُولُ:

[البحر الكامل]

فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ ... مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ

لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْ ... تِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ

⦗٥٠⦘

وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا ... يَمْضِي الْأَكَابِرُ وَالْأَصَاغِرُ

لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ ... وَلَا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرُ

أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحْدَهُ» . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ قُسٍّ عَجَبًا قَالَ: «وَمَا الَّذِي رَأَيْتَ مِنْهُ؟» قَالَ: بَيْنَا أَنَا بِجَبَلٍ فِي نَاحِيَتِنَا يُقَالُ لَهُ سَمْعَانُ، فِي يَوْمٍ قَايِظٍ، شَدِيدِ الْحَرِّ، إِذَا أَنَا بِقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ عِنْدَهَا عَيْنُ مَاءٍ، وَإِذَا حَوْلَهُ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ، قَدْ وَرَدَتْ، وَهِيَ تَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا زَأَرَ سَبُعٌ مِنْهَا عَلَى صَاحِبِهِ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ، وَقَالَ: كُفَّ حَتَّى يَشْرَبَ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَكَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ السِّبَاعِ هَالَنِي ذَلِكَ، وَدَخَلَنِي رُعْبٌ شَدِيدٌ، فَقَالَ: لَا تَخَفْ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِذَا أَنَا بِقَبْرَيْنِ بَيْنَهُمَا مَسْجِدٌ، فَلَمَّا آنَسْتُ بِهِ، قُلْتُ: مَا هَذَانِ الْقَبْرَانِ؟ فَقَالَ: هَذَانِ الْقَبْرَانِ لِأَخَوَيْنِ لِي، كَانَا يَعْبُدَانِ اللَّهَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاتَّخَذْتُ فِيمَا بَيْنَهُمَا مَسْجِدًا، أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ، حَتَّى أَلْحَقَ بِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَيَامَهُمَا، وَفِعَالَهُمَا، فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ:

[البحر الطويل]

خَلِيلَيَّ هُبَّا طَالَ مَا قَدْ رَقَدْتُمَا ... أَجِدَكُمَا لَا تَقْضِيَانِ كَرَاكُمَا

أَلَمْ تَعْلَمَا أَنِّي بِسَمْعَانَ مُفْرَدٌ ... وَمَا لِي فِيهِ مِنْ حَبِيبٍ سِوَاكُمَا

أُقِيمُ عَلَى قَبْرَيْكُمَا لَسْتُ بَارِحًا ... طُوَالَ اللَّيَالِي أَوْ يُجِيبَ صَدَاكُمَا

سَأَبْكِيكُمَا طُولَ الْحَيَاةِ وَمَا الَّذِي ... يَرُدُّ عَلَى ذِي عَوْلَةٍ إِبَكَاكُمَا

كَأَنَّكُمَا وَالْمَوْتُ أَقْرَبُ غَايَةٍ ... بِرُوحِي فِي قَبْرَيْكُمَا قَدْ أَتَاكُمَا

فَلَوْ جُعِلَتْ نَفْسٌ لِنَفْسٍ وُقَايَةً ... لَجُدْتُ بِنَفْسِي أَنْ تَكُونَ فِدَاكُمَا

٣١ - وَرَوَاهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ⦗٥١⦘ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَغَوِيِّ الْخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ رَبِيعَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ، وَكَانَ نَازِلًا فِيهِمْ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

<<  <   >  >>