للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمة الكريم بنت عبد الله، من ولد خالد بن أسيد، فقالت له: يا أمير المؤمنين إن هاتين المرأتين قد خبثت أنفسهما وساءت ظنونهما لما ظهر لهما من جفائك إياهما، فانتهرها وزبرها وقال: أهذه الأيام من أيام النساء؟ لا سبيل إليهما حتى أعلم أرأس ابراهيم لي أم رأسي له.

قالوا: وأتي المنصور برجل معه كتب إلى أهل الكوفة من محمد وابراهيم فأمر بضرب عنقه، فذكر أنه مجبر مقهور محتاج كثير العيال، فأمر بتخلية سبيله، فقال: يا أمير المؤمنين، إني استحلفت أن أوصل الكتب إلى اصحابها إلا أن يحاط بي، وقد منّ أمير المؤمنين علي، فقال: خذها هبلتك أمك. فتناول الكتب ومضى فأوصلها، فلم تزل منازل من كتب إليه بطون الأرض حتى توفي المنصور، فبقي منهم بعد ذلك رجل أو رجلان.

قالوا: وخرج محمد ثم خرج ابراهيم فقال المنصور:

تفرقت الظباء على خداش … فما يدري خداش من يصيد

وقال حين قتلا:

فألقت عصاها واستقرت بها النوى … كما قرّ عينا بالإياب المسافر

قالوا: ولما قدم ابراهيم بن هرمة على المنصور وقد بلغه أن محمدا دعاه فلم يجبه، وقال في ذلك شعره الذي قاله، قال المنصور: يا إبراهيم، سلني حوائجك. فقال: إن في هذه الأرواح الصننة (١)، وإنما دواؤها شرب النبيذ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يكتب إلى عامله ألا يحدّني فيه فعل. قال:

لا سبيل إلى هذا ولكن اكتبوا له أن يجلد من أخذه مائة ويجلده ثمانين، فقال: قنعت. فكان يقول إذا سكر بالمدينة: من يشتري ثمانين بمائة.


(١) - الصن: البول، وذفر الابط. القاموس.