للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني عبّاس بن هشام الكلبي عن أبيه عن عوانة - وذكره المدائني عن جويرية - أنّ عمرو بن العاص قال لعبد الله بن عبّاس: يا بني هاشم، أما والله لقد تقلّدتم من دم عثمان كفرم (١) الإماء العوارك، وأطعتم فسّاق أهل العراق في عيبه، وأجزرتموه مرّاق أهل مصر، وآويتم قتلته، وإنّما نظر الناس إلى قريش، ونظرت قريش إلى بني عبد مناف، ونظر بنو عبد مناف إلى بني هاشم، فقال ابن عبّاس لمعاوية: ما تكلّم عمرو إلا عن رأيك، وإنّ أحقّ الناس أن لا يتكلّم في قتل عثمان لأنتما، أمّا أنت يا معاوية فزيّنت له ما صنع، حتى إذا حصر طلب نصرك، فأبطأت وتثاقلت وأحببت قتله، وترّبصت لتنال ما نلت، وأما أنت يا عمرو فأضرمت المدينة عليه نارا، ثم هربت إلى فلسطين، فأقبلت تحرّض عليه الوارد والصادر، فلمّا بلغك قتله دعتك عداوة علي إلى أن لحقت بمعاوية، فبعت دينك منه بمصر، فقال معاوية: حسبك يرحمك الله، عرّضني لك ونفسه فلا جزي خيرا.

المدائني عن عبد الله بن المبارك قال: أراد عمرو بن العاص معاوية على أن يكتب له مصر طعمة ويبايعه، فقال معاوية: إنّي لا أحب أن يقول الناس إنّك إنّما بايعتني على تأمير لك وشكم (٢)، فقال له مروان: أبا عبد الله إنّ هذا ليس بيوم مسألة، وقد تدانت الأمور بك فلا تدبرنّ بعد إقبالها، فقال عمرو: يا مروان قدمت على معاوية وأمره زلق دحض منفرج انفراج القتب، فما برحت أبرمه قوّة بعد قوّة حتى تركته على مثل دائرة الفلكة،


(١) - الفرم: دواء تتضيق به المرأة. القاموس.
(٢) - الشكم: الجزاء والعطاء. القاموس.