للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: نترك الذنوب كفرا لقول الله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)﴾ (١) قال: أخطأتم التأويل، من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا له فهو كافر فأما حاكم وقع حدا قد رآه عن صاحبه وهو مقرّ بالآية فلا يكون كافرا لأن الله قال: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ (٢) وقال الله: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾ (٣) وهؤلاء يؤمنون بالبعث، وأمير المؤمنين مجتهد لنفسه في الحكم بالعدل، وإحياء ما قد أميت منه، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم.

قالوا: فإن عمال صاحبك يظلمون. قال: فتولوا أعماله. قالوا:

لا نعمل له. قال: فكونوا أمناء على عماله، فأي عامل منهم عمل بغير الحق فاعزلوه. قالوا: ولا هذا، وقرأوا كتاب عمر فقالوا: نوجه رجلين يكلمانه فإن أجابنا فذاك، وإن أبى كان الله من ورائه، فأرسلوا مولى لبني شيبان يقال له عاصم، ورجلا من بني يشكر من أنفسهم، فقدموا جميعا على عمر وهو بخناصرة، فصعد إليه عون، ومحمد بن الزبير، وهو في غرفة، وعنده ابنه عبد الملك بن عمر، وكاتبه مزاحم فأخبراه بمكان الرجلين فقال:

فتشوهما لعل معهما حديدا، ثم أدخلوهما ففعلا، فلما دخلا قالا: السلام عليكم. وجلسا فقال عمر: ما أخرجكم هذا المخرج، وما الذي نقمتم؟ فقال عاصم وكان حبشيا: ما نقمنا سيرتك لتحري العدل والإحسان فأخبرنا


(١) سورة المائدة - الآية:٤٤.
(٢) سورة فصلت - الآية:٢٦.
(٣) سورة التغابن - الآية:٧.