للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورأى هشام ذات يوم سالما كاتبه في موكب فزجره، وقال: لا أعلمنّ ما سرت في موكب، فكان يقدم الرجل الغريب فيسير معه، فيقف سالم ويقول: ما حاجتك، ويمنعه أن يسير معه.

وكان سالم عظيم القدر عند هشام، وكان يتمثل بشعر النعمان بن بشير في غلام له، كان يقال له سالم وهو:

يذودونني عن سالم وأذودهم … وجلدة بين العين والأنف سالم

وكان حاجب هشام يسير وحده، ولم يكن أحد من بني مروان يأخذ عطاء إلا وعليه الغزو، فمنهم من يغزو بنفسه، ومنهم من يخرج بديلا، وكان لهشام مولى يقال له يعقوب فكان يأخذ عطاء هشام، وهو مائتا دينار ودينار، يفضّل بدينار، فيأخذ يعقوب ذلك ويغزو عنه.

وكانوا يصيّرون أنفسهم في أعوان الديوان، وفي بعض ما يجوز لهم معه المقام، فيوضع عنهم الغزو. فكان داود بن علي بن عبد الله بن عباس، وعيسى بن علي، وهما لأمّ في أعوان السّوق بالعراق لخالد بن عبد الله القسري، فأقاما عنده ووصلهما، ولولا ذلك لم يقدر على تصييرهما عنده، ولأخذا بالغزو فجعلهما في الأعوان، وكانا يسامرانه ويحدثانه.

قالوا: وكان هشام أراد أن يصيّر ابنه مسلمة ولي عهده بعد الوليد بن يزيد، فقال الكميت بن يزيد الأسدي:

إنّ الخلافة كائن أوتادها … بعد الوليد إلى ابن أم حكيم

قالوا: فأضرّ هشام بالوليد بن يزيد، فدخل عليه يوما فقال له العباس بن الوليد بن عبد الملك: يا أبا العباس كيف حبك للروميات؟ قال: إني لأحبّهن، وكيف لا نحب من لا يزال يأتي بمثلك. فترك الوليد