ضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش الا انه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فاجاد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتي عرفة فوجد القبة قد ضربت بنمرة فنزل بها حتى اذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت فاتي بطن الوادى
[خطبة في حجة الوداع]
فخطب الناس وقال ان دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وان أول دم أصنع من دمائنا دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بنى سعد فقتله هذيل وربا الجاهلية موضوع كله وأول ربا أضعه من ربانا ربا العباس بن عبد شعر (ضربت له بنمرة) فيه جواز الاستظلال للمحرم وهو للنازل بالاجماع وكرهه مالك وأحمد للراكب وفيه استحباب النزول بنمرة وأن لا يدخلوا عرفات الا بعد الزوال وصلاة الظهر والعصر جمعا بشرطه ويندب أيضا الغسل بها للوقوف قبل الزوال فقد جاء في غير هذا الحديث (ونمرة) بفتح النون وكسر الميم وبسكون الميم مع فتح النون وكسرها موضع الى جانب عرفات وليس منها (واما المشعر الحرام) فجبل بالمزدلفة يقال له قزح بقاف مضمومة فزاى مفتوحة فمهملة كانت قريش تقف عليه في الجاهلية فظنوا انه صلى الله عليه وسلم سيقف به يومئذ فلم يفعل الا كما أمره الله في قوله ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ أي سائر العرب غير قريش (حتى أتي عرفة) أى قريبا منها (فرحلت) بتخفيف الحاء أى جعل عليها الرحل (ثم أتى بطن الوادي) أي وادى عرنة بضم المهملة وفتح الراء ثم نون وليست عرنة من أرض عرفات خلافا لمالك (فخطب الناس) فيه استحباب الخطبة يومئذ وذلك بالاتفاق خلافا له (كحرمة يومكم الى آخره) معناه متأكدة التحريم شديدته قال النووى وفيه دليل لضرب الامثال والحاق النظير بالنظير قياسا انتهي وقال بعضهم المشبه به هنا اخفض رتبة من المشبه وذلك خلاف القاعدة وجوابه ان تحريم اليوم والشهر والبلد لما كان ثابتا في نفوسهم مقررا عندهم بخلاف الانفس والاموال والاعراض فكانوا يستبيحونها في الجاهلية ورد التشبيه بالمقرر عندهم اذ مناطه ظهوره لنبأ السامع (تحت قدمى) اشارة الى ابطاله (ودماء الجاهلية موضوعة) أى باطلة (دم ابن ربيعة) بن الحارث بن عبد المطلب واسم هذا الابن اياس أو حارثة أو ثمام أو آدم أقوال لكن قال الدارقطني في الاخير هو تصحيف من دم قال عياض ورواه بعض رواة مسلم دم ربيعة بن الحارث قال وكذا رواة أبو داود قيل وهذا وهم لان ربيعة عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم الى زمن عمر وتأوله أبو عبيد بانه انما قال دم ربيعة لانه ولى الدم فنسبه اليه قال الزبير بن بكار وكان هذا الابن المقتول طفلا صغيرا يحبو بين البيوت فاصابه حجر في حرب كانت بين بنى سعد وبنى ليث (وربا الجاهلية) أي الزائد عن رأس المال كما قال تعالى وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ (موضوع) باطل