للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خص من هذه الخلق بأتمها وأعمها وانه ما سئل شيئا قط فقال لا وأشتهرت الأخبار بجوده وعطاياه في حنين المائتين من الأبل ورده يومئذ على هوازن سباياها وكانوا ستة آلاف رأس وأعطى العباس عمه من الذهب ما لا يطيق حمله وأعطى رجلا يسئله غنما بين جبلين فرجع الى قومه فقال اسلموا فان محمدا يعطى عطاء من لا يخشى الفاقة وحمل اليه تسعين ألف درهم فوضعت على حصير فما قام وثم منها درهم والأخبار في ذلك واسعة وقد قال صلى الله عليه وسلم انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

[فصل في شجاعته ونجدته صلى الله عليه وسلم]

«فصل» في شجاعته ونجدته صلى الله عليه وسلم لا خلاف انه صلى الله عليه وسلم قد كان أشجع الناس وأشدهم شكيمة وانه قد شهد جملة من الحروب وأبلى فيها وحفظت لكل من كماة أصحابه جولة سواه. قال علىّ كرم الله وجهه كنا اذا اشتد البأس واحمرت الحدق أتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب من العدو منه ولقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ به وهو أقربنا الى العدو وقال أنس بن مالك كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس واجود الناس واشجع الناس لقد فزع اهل المدينة ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم راجعا قد سبقهم الى الصوت واستبرأ الخبر على فرس لأبى طلحة ما لا يحمد وهو الجود وهو ضد التقتير والسماحة التجافي غما يستحقه المرء عند غيره بطيب نفس وهو ضد الشكاسة (فغير مدافع) بفتح الفاء (ما سئل شيأ قط فقال لا) للحاكم من حديث أنس كان لا يسأل شيأ الا أعطاه أو سكت معناه ان كان عنده أعطاه وان لم يكن عنده سكت (فما قام وثم منها درهم) لفظ عياض في الشفاء فما رد سائلا حتى فرغ منها واخرج الترمذى ان رجلا سأله فقال ما عندى شيء ولكن ابتع على فاذا جاءنا شيء قضيناه فقال له عمر ما كلفك الله ما لا تقدر عليه فكره مقالة عمر فقال له رجل من الانصار يا رسول الله انفق ولا تخش من ذى العرش اقلالا فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف البشر في وجهه وقال بهذا أمرت (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) أخرجه ابن سعد والبخارى في الادب والحاكم والبيهقى في الشعب عن أبي هريرة.

(فصل) في شجاعته ونجدته قال في الشفاء الشجاعة فضيلة قوة الغضب وانقيادها للعقل والنجدة ثقة النفس عند استرسالها الي الموت حيث يحمد فعلها دون خوف (شكيمة) بالمعجمة بوزن عظيمة وهي أن يكون الانسان شديد النفس أنفا أبيا كما مر في ذكر اسلام حمزة (جولة) بفتح الجيم أي نفور وانهزام (البأس) بالهمز الحرب (واحمرت الحدق) كناية عن اشتداد الحرب وتغير حدق الاعين من الفشل (اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم) أى جعلناه واقيا وحاجزا بيننا وبين العدو (فما يكون أحد) بالرفع (أقرب) بالنصب (وقال أنس) أخرجه عنه الشيخان والترمذي وابن ماجه (لن تراعوا) أي لن

<<  <  ج: ص:  >  >>