فالحيلة: التحول من حال إلى حال، وكل من حاول أمرا يريد فعله أو الخلاص منه، فما يحاوله به: حيلة يتوصل بها إليه. والحيلة لا تذم مطلقا، ولا تمدح مطلقا، ولفظها لا يشعر بمدح ولا ذم، وإن غلب في العرف إطلاقها على ما يكون من الطرق الخفية إلى حصول الغرض بحيث لا يتفطن له، إلا بنوع من الذكاء والفطنة. والحيل ثلاثة أنواع: الأول: وهو الذي ينطبق على موضوع البحث -محرم: وهو الذي يتوصل به إلى إسقاط الواجبات وتحليل المحرمات وقلب المظلوم ظالما، والظالم مظلوما، والحق باطلا، والباطل حقا، وهذا النوع قد اتفق السلف على ذمه وذم أهله. الثاني: ما يكون قربة وطاعة، وهو الذي يتوصل به إلى فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، والتخلص من الحرام، وتخليص الحق من الظالم المانع له، وتخليص المظلوم من الظالم، وهذا النوع محمود مثاب فاعله. الثالث: مباح جائز لا حرج على فاعله، ولا على تاركه، ويرجح فعله على تركه، أو العكس تبعا للمصلحة. وقد عرَّف الشاطبي النوع الأول، فقال: "التحيل بوجه سائغ مشروع في الظاهر، أو غير سائغ على إسقاط حكم أو قلبه إلى حكم آخر بحيث لا يسقط أو لا ينقلب إلا مع تلك الواسطة، فتفعل ليتوصل بها إلى ذلك الغرض المقصود مع العلم بكونها لم تشرع له ... ، فإذا تسبب المكلف في إسقاط ذلك الوجوب عن نفسه، أو في إباحة ذلك المحرم بوجه من وجوه التسبب حتى يصير ذلك الواجب غير واجب في الظاهر، أو المحرم حلالا في الظاهر، فهذا التسبب يسمى حيلة وتحايلا (الموافقات ٢/ ٢٨٠).