الجزري ثم الموصلي الفقيه الشافعي الأديب الشاعر أبو الفرج: مات بحمص سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، فمما أنشدت من شعره:
كأن مقلته صاد وحاجبه ... نون وموضع تقبيلي له ميم
فصرت أعشق منه في الورى صنما ... وعاشق الصنم الإنسيّ محروم
وقيل إن هذين البيتين لرجل من أهل الأندلس يقال له ابن أسعد أيضا.
وحكي أنه دخل يوما على نور الدين محمود بن زنكي، فقال له: كيف أصبحت؟ فقال: كما لا يريد الله ولا رسوله ولا أنت ولا أنا ولا ابن عصرون، فقال له: كيف؟ فقال: لأن الله يريد مني الإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة، ولست كذلك. وأما رسوله فإنه يريد مني ما يريده الله مني، ولست كذلك. وأما أنت فإنك تريد مني أن لا أسألك شيئا من الدنيا، ولست كذلك. وأما أنا فإنني أريد من نفسي أن أكون أسعد الناس، وملك الدنيا بأجمعها، ولي الدنيا بأسرها، ولست كذلك. وأما ابن عصرون فإنه يريد مني أن أكون مقطّعا إربا إربا، ولست كذلك.
فكيف يكون من أصبح لا كما يريد الله ولا رسوله ولا سلطانه ولا نفسه، ولا صديقه ولا عدوّه. فضحك منه، وحباه حباء حسنا. ومن شعره «١» :
مولاي لا بتّ في ضرّي ولا سهري ... ولا لقيت الذي ألقى من الفكر