وحدث محمد بن الجهم السمري قال: كنا إذا أتينا الأحمر تلقانا الخدم فندخل قصرا من قصور الملوك فيه من فرش الشتاء في وقته ما لم يكن مثله إلا في دار أمير المؤمنين، ويدفع إلينا دفاتر الكاغد والجلود قد صقلت والمحابر المخروطة والأقلام والسكاكين، ويخرج إلينا وعليه ثياب الملوك تنفح منها رائحة المسك والبخور، فيلقانا بوجه منطلق وبشر حسن، حتى ننصرف ونصير إلى الفرّاء، فيخرج إلينا معبّسا قد اشتمل بكسائه، فيجلس لنا على بابه ونجلس في التراب بين يديه، فيكون أحلى في قلوبنا من الأحمر وجميل فعله.
وحدث سلمة قال: كان الأحمر قد أملى على الناس شواهد النحو، فأراد الفرّاء أن يتممها فلم يجتمع له أصحاب الكسائي كما اجتمعوا للأحمر، فقطع ولم يعرض له.
قال عبد الله بن جعفر: أخبرنا غير واحد عن سلمة بن عاصم صاحب الفرّاء قال: كان بين الفرّاء والأحمر تباعد وجفاء، فحجّ الأحمر فمات في طريق مكة، فقيل للفراء: إن الأحمر قد نعي إلى أهله، فاسترجع وتوجّع وترحّم عليه وجعل يقول: أما والله لقد علمته صدوقا سخيا ذكيّا عالما ذا مروءة ومودة، رضي الله عنه، فقيل له أين هذا مما كنت تقول فيه بالأمس؟ قال: والله ما يمنعني ما كان بيني وبينه أن أقول فيه الحقّ، وما تعديت فيه قط في قول ولا تحريت فيه إلا الصدق قبل وإلى الآن.
وأنشد إسحاق الموصلي قال: أنشدني الأحمر غلام الكسائي لنفسه:
وفتيان صدق دعوا للندى ... رياض السرور بأرض الطرب
وهي أربعة أبيات. قال: وقرأت له أيضا أبياتا يسيرة ضعيفة.
وقال أبو محمد اليزيدي يهجو الكسائي والأحمر:
أفسد النحو الكسائيّ ... وثنّى ابن غزاله
وأرى الأحمر تيسا ... فاعلفوا التيس النخاله
وقال ثعلب: كان الأحمر يحفظ الأربعين ألف بيت شاهد في النحو سوى ما كان يحفظ من القصائد، وكان مقدّما على الفرّاء في حياة الكسائي، وله من التصانيف: