بيده فرجية ورداء في غاية الحسن والجلالة ووافى بهما إلى ابن العميد وقال له: قد صرت أيها الأستاذ جامدارك، فانظر هل ترتضيني لخدمتك، وطرح الفرجية عليه وقدّم الرداء بين يديه فأخذه ولبسه.
ومن شعره في الحبس:
ما بال قومي يجفوني أكابرهم ... أإن أطاعتهم الأيام والدول
أإن تقاصر عني الحال تقطعني ... عراهم ساء ما شاءوا وما فعلوا
أغراهم أن هذا الدهر أسكتني ... عنهم وتنطق فيه الشاء والابل
قدما رميت فلم تبلغ سهامهم ... وأخطأ الناس من مرميّه زحل
وله:
يقول لي الواشون كيف تحبها ... فقلت لهم بين المقصر والغالي
ولولا حذاري منهم لصدقتهم ... وقلت هوى لم يهوه قطّ أمثالي
وكم من شفيق قال ما لك واجما ... فقلت أبي ما بي وتسألني مالي
قال أبو الحسين، وحدثني أبو الفتح منصور بن محمد بن المقدر الأصبهاني قال، حدث أحد أصحاب أبي الفضل ابن العميد المختصين به قال: كان أبو الفتح ابن أبي الفضل يباكر أباه في كلّ يوم ويدخل إليه قبل كلّ أحد، فاتفق أن دخل يوما وأنا جالس عنده، فلما رآه مقبلا في الصحن وشاهد عمته وكانت ديلمية، ومشيته وهو يختال فيها ويسرف في تلويها، عجب من ذاك وقال لي: أما ترى إلى هذه العمة وهذه المشية في مخالفتها لعادتنا ومفارقتها طريقتنا؟! فقلت: قد رأيت، وإن رسم الأستاذ أن أخاطبه فيها وأنهاه عنها فعلت، فقال: لا تفعل فانه قصير العمر وما أحبّ أن أدخل على قلبه همّا ولا أمنعه هوى. وقد روي أن أبا الفضل وجد له رقعة كتبها إلى بعض من ينبسط إليه وفيها «١» :