أراد صدقي في ادعائي فليطالعه منها. ولم أظفر من مسموعاته في الأحاديث بشيء يمكنني أن أودعه هذا الكتاب مع أني لا أشك في سماعه، ولقد ذكر الحافظ أنه روى عنه عن خاله أبي الحسن هارون الزوزني عن أبي حاتم ابن حبان ولم يقع إلي بعد.
ومن شعره في بعض الأكابر:
يرتاح للمجد مهتزّا كمطرد ... مثقّف من رماح الخطّ عسّال
فمرة باسم عن ثغر برق حيا ... وتارة كاشف عن ناب رئبال
فما أسامة مطرورا براثنه ... ضخم الجزارة يحمي خيس أشبال
يوما بأشجع منه حشو ملحمة ... والحرب تصدع أبطالا بأبطال
ولا خضارة صخابا غواربه ... تسمو أواذيّه حالا على حال
أندى وأسمح منه إذ يبشّره ... مبشّروه بروّاد ونزّال
إلى غير ذلك من أمثاله إلى تمام القصيدة. وله:
وذي شنب لو أنّ حمرة ظلمه ... أشبهها بالجمر خفت به ظلما
قبضت عليه خاليا واعتنقته ... فأوسعني شتما وأوسعته لثما
ومن شعره يصف البرد:
متناثر فوق الثرى حبّاته ... كثغور معسول الثنايا أشنب
برد تحدّر من ذرى صخّابة ... كالدرّ إلا أنه لم يثقب
قال عبد العافر: واقتصرت على هذا الأنموذج من كلامه مخافة الاملال ومن أراد يزيد عليه فديوان شعره هزلا وجدا موجود، والله يغفر له ويعفو عنه.
قال المؤلف: ولم أر من تصانيف البحاثي هذا شيئا إلا «شرح ديوان البحتري» ولعمري إن هذا شيء ابتكره، فإني ما رأيت هذا الديوان مشروحا ولا تعرّض له أحد من أهل العلم، ولا سمعت أحدا قال اني رأيت ديوان أبي عبادة البحتري مشروحا، وتأملته فرأيته قد ملىء علما وحشي فهما، وذاك أن شروح الدواوين المعروفة كأبي تمام والمتنبي وغيرهما تساعدت القرائح عليه وترافدت الهمم إليه، وما أرى له فيما اعتمده من شرح هذا الكتاب عمدة إلا أن يكون «كتاب عبث الوليد» للمعري