فخر الدين محمد بن عمر الرازي المعروف بابن خطيب الري، وكان يوما باردا سقط فيه الثلج، فبينما الشيخ يلقي الدروس إذ سقطت حمامة بالقرب منه ووراءها طير من الجوارح يطاردها، فلما صارت بين الناس خاف الجارح وطار، ولم تقدر الحمامة على النهوض مما لحقها من الخوف والبرد، فرقّ لها الامام فخر الدين وأخذها بيده وحنا عليها، فأنشده ابن عنين مرتجلا «١» :
يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا ... في يوم مسغبة وثلج خاشف
العاصمين إذا النفوس تطايرت ... بين الصوارم والوشيج الراعف
من نبّأ الورقاء أنّ محلكم ... حرم وأنك ملجأ للخائف
وفدت عليك وقد تدانى حتفها ... فحبوتها ببقائها المستانف
لو أنها تحبى بمال لا نثنت ... من راحتيك بنائل متضاعف
جاءت سليمان الزمان بشكوها ... والموت يلمع من جناحي خاطف
قرم يطاردها فلما استأمنت ... بجنابه ولّى بقلب واجف «٢»
وله من قصيدة كتب بها إلى العادل يشكو الغربة والشوق الى الشام «٣» :
ماذا على طيف الأحبة لو سرى ... وعليهم لو سامحوني بالكرى
جنحوا إلى قول الوشاة وأعرضوا ... والله يعلم أنّ ذلك مفترى
يا معرضا عني بغير جناية ... الا لما نقل «٤» العذول وزوّرا
هبني أسأت كما تقول وتفتري ... وأتيت في حبيك شيئا منكرا
ما بعد بعدك والصدود عقوبة ... يا هاجري ما آن لي أن تغفرا
لا تجمعنّ عليّ عتبك والنوى ... حسب المحبّ عقوبة أن يهجرا