دفعني هذا الثراء بالتصنيف في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله وامتلاء المكتبات العامة والخاصة بهذا التراث إلى أن أتامل ما إذا كان بالإمكان رصد التطور الحاصل في أساليب هذه المصنفات ومناهجها بمختلف صورها والوصول بذلك إلى معيار شمولي يبين المناحي التي كتبت بها سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم والجوانب التي خصها المصنفون بالعرض منها دون غيرها من جوانب السيرة الأخرى، أو التركيز في جانب دون آخر، وتشكيل هذه المصنفات مجتمعة الهيكل العام لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم الذي من خلاله رصدنا التطور الحاصل في كل مصنف من هذه المصنفات وأثره وفعاليته في هذا الهيكل من حيث التجديد في طرح الروايات ومناقشتها أو التوسعة في سرد الأحداث أو اختصارها.
وصلت إلى القناعة بجدوى الشروع برصد التطور الحاصل في كتابة السيرة النبوية بدراسة شاملة تنتهي بنهاية العصر العباسي أسميتها (تطور كتابة السيرة النبوية عند المؤرخين المسلمين حتى نهاية العصر العباسي) ، بعدما وجدت المكتبة العربية تفتقر إلى دراسة أكاديمية من هذا النوع- على حدود إطلاعي المتواضع- وإجابة العديد من الأساتذة المختصين بمثل هذه المواضيع عن افتقار الدراسات الأكاديمية- على حدود علمهم- التي تناولت رصد التطور الحاصل في كتابة السيرة إلى نهاية المدة التي حددتها في هذه الدراسة، فلم تكن هنالك دراسات تناولت هذا الجانب إلا بعض الدراسات التي ناقشت جوانب من مصنفات السيرة في مدة محددة بقرن او قرنين فقط. فمن هذه الدراسات، دراسة المستشرق الألماني يوسف هوروفتس (المغازي الأولى ومؤلفوها) ، ودراسة