وجدت السيرة النبوية في خضم هذه الكتب مكانا عظيما لها، فكانت تشغل في معظمها حيزا متباينا؛ فتارة تكون مفصلة وأخرى مختصرة وثالثة متناسبة طرديا مع حجم الكتاب الذي دخلت فيه، فحين يكون الكتاب مختصرا فمن دون شك تكون السيرة مقتضبة وموجزة والعكس صحيح أيضا.
وقبل ذكر هذه المصنفات ودورها في كتابة السيرة، نؤكد أن كل مصنّف من مصنفي هذه الكتب قد نحا في مصنفه منحا مغايرا لسابقيه، أو مشابها لهم في مكان ومختلفا معهم في مكان آخر. وأتخذ منهجا موحدا في عرض حوادثه، لذا فان كل ملاحظة نسجلها لكل مصنّف من هذه المصنفات على أنها جوانب تطورية بكتابة السيرة ضمن كتب التأريخ العام هي ملاحظة تشمل باقي أقسام الكتاب؛ ولكن الجانب المهم في الموضوع هو التقاط هذه الملاحظات التي هي جوانب تطورية وتوضيح لتأثر باقي مصنفات المؤرخين سواء أكانت كتب تأريخ عام أم غيرها بكل مصنف من المصنفات التي سبقتها عند عرضهم سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم كما سنلاحظ.
أما المصنفات التي وصلت إلينا في التأريخ العام فهي:
١. كتاب التأريخ لخليفة بن خياط العصفري (ت ٢٤٠ هـ) : * ولد هذا المؤرخ ونشأ في البصرة من بيت علم وتتلمذ على العديد من علماء عصره ونال مكانة سامية في نفوس العلماء والناس واصبح محل ثقتهم، إذ
(*) كتب الدكتور فاروق عمر فوزي دراسة مستقلة عن خليفة بن خياط ومنهجه عنوانها (خليفة بن خياط) ، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ١٩٨٨.