للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع كل هذه الإضافات التي أوجدها ابن حبان لكتابة السيرة ضمن كتب التراجم بخاصة وكتب السيرة بعامة فانها بقيت رهينة هذا الكتاب إذ لم تتعد إلى غيره، اذ لم نجد في مصنفات السيرة التي تلته أي اقتباس منه أو سلوك نهج مقارب لنهج ابن حبان في كتابة السيرة وليس هذا حسب، بل اغفل هذا الأمر أيضا من اتبع خطى ابن حبان في كتابة مصنف يخصص لذكر الثقاة من الرواة، إذ وجدنا ابن شاهين (ت ٣٨٥ هـ) * قد أغفل كتابه ذكر سيرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في بدايته عندما سرد أسماء الثقاة الذين نقل عنهم العلم «١٤٨» ، وإن هذا الأمر قد يكون ناشئا من طغيان كتب السيرة التي سبقته ورواجها بين الناس حتى قيل في وصف أحدها: من أراد كتابة السيرة فهو عيال على ابن إسحاق «١٤٩» ، فضلا عن ذلك فقد كان لانصهار هذه السيرة في مصنف خصص لعرض أسماء الثقاة من الرواة أثر ملموس في عدم الاقتباس من هذه السيرة، إذ انصبت جهود العلماء على تتبع آراء وأسماء الذين أوردهم ابن حبان في كتابه من الثقاة الذين يجوز الاحتجاج بروايتهم من دون النظر إلى ما سبقها وهي (سيرة الرسول) ، إذ كان لديهم شعور يعدّ ذكر ابن حبان لسيرة الرسول في بداية كتابه تبركا وتيمنا بالاستفتاح بذكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله.

هذه هي الجوانب التي لمسناها في هذا الكتاب والتي بينت المسلك الذي انتهجه ابن حبان في عرضه سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ضمن كتب التراجم.


(*) ابن شاهين أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي، الحافظ العلم والمحدث المفسر، ولد سنة ٢٩٧ هـ، وأسهم إسهامة فعالة في رواية الحديث ونشره وفي تفسير القرآن، ينظر، الخطيب البغدادي، تأريخ بغداد، ١١/ ٢٦٥- ٢٦٧، الذهبي، تذكرة الحفاظ، ٣/ ٩٨٧، ابن كثير، البداية والنهاية، ٨/ ٣١٦.
(١٤٨) ينظر، ابن شاهين، تأريخ أسماء الثقات، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، ط ١، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٩٨٦، ص ٤٧- ٢٥٦.
(١٤٩) ينظر، الخطيب البغدادي، تأريخ بغداد، ١/ ٢١٩.

<<  <   >  >>