للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استعمل ابن أبي الشيخ لفظة (أخلاق) عنوانا لكتابه بدلا من (شمائل) ، وهذا يؤكد وحدة دلالة هذين اللفظين، وقد سبقه في استعمال هذه اللفظة مصنفون عديدون في كتابة هذا الجانب من حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم «٣٧» ، في حين أن جمعا من المؤرخين قد أبقوا استعمال عنوان (الشمائل) في مصنفاتهم التي يغلب عليها التزويق اللفظي واستعمال المحسنات البديعية كالسجع وغيره «٣٨» .

ويعدّ كتاب ابن أبي الشيخ مكملا لما بدأه الترمذي، إذ حاول أن يدون مصنفا يحوي مجموعا من الروايات التي تبين للمسلمين وغيرهم الأخلاق والصفات الحميدة والسجايا التي أتسم بها نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلّم، وقد أشار في ديباجة كتابه إلى هذه الأمور قائلا: " ما ذكر من حسن خلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكرمه وكثرة تواضعه وصبره على المكروه وإغضائه وإعراضه عما كرهه ... وكظم الغيظ، وحمله، وكثرة تبسّمه، وسروره، ومزاحه وبكائه وحزنه ومنطقه وألطافه، وقوله عند قيامه من مجلسه ومشيته والتفاته، وذكر محبته الطيب وتطيبه، وذكر قميصه وجبتّه وشكره ربه عند سعيه" «٣٩» ، فكان عمله هذا إضافة نوعية لكتاب الترمذي، حين وضع مقدمة لكتابه عرض فيها ما سيذكره فيه بعكس ما فعله الترمذي «٤٠» ؛ فضلا عن هذا الجانب فقد وجدت فيه جوانب أخرى أسهمت في تطور كتابة الشمائل والأخلاق التي اتصف بها رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، وهذه الجوانب هي:


(٣٧) ينظر، حاجي خليفة، كشف الظنون، ١/ ١٠٥٩، البغدادي، هدية العارفين، ٢/ ١٢٤.
(٣٨) ينظر، الكتاني، الرسالة المستطرفة، ص ١٠٥، المنجد، معجم ما ألف عن رسول الله، ص ١٩٢- ١٩٧.
(٣٩) أخلاق النبي، تحقيق: عبد الله الغماري، مطبعة الفجالة، القاهرة، ط ١، ١٣٧٤، ص ١٦.
(٤٠) ينظر، الشمائل النبوية، ص ٤.

<<  <   >  >>