للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصل إلينا كاملا وهو كتاب (المغازي) لمحمد بن عمر الواقدي (ت ٢٠٧ هـ) *، الذي من حسن الحظ أن بقي كتابه هذا إلى الان برغم قدمه.

شكل هذا الكتاب إحدى الدعامات المهمة التي استندت عليها معظم المصنفات عند عرضها لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله وأعماله العسكرية بخاصة، وذلك لأمور عدة أسهمت إسهاما فعالا في نيل هذا الكتاب تلك المرتبة السامية ضمن مصنفات السيرة، وهذه الأمور هي:

١. المشاهدة والمعاينة للمواقع التي جرت فيها الحوادث المتعلقة بمغازي الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وتوابعها «٥» ، وهذه الخاصية قد بينها الواقدي بقوله: " ما أدركت رجلا من أبناء الصحابة وأبناء الشهداء ولا مولى لهم إلا وسألته، هل سمعت أحدا من أهلك يخبرك عن مشهده وأين قتل؟ فإذا أعلمني مضيت إلى الموضع فأعاينه ... وما عملت غراة إلا مضيت إلى الموضع حتى أعاينه" «٦» .

أكد تصرف الواقدي هذا مشاهدة أحد الناس له بمكة وهو واضع ركوته التي يحفظ فيها الماء على ظهره، فسأله هذا الشخص عن الوجهة التي يقصد إليها فقال له الواقدي. " أريد أن أمضي إلى حنين حتى أرى الموقع والوقعة" «٧» .

كان لهذه السمة التي اتصف بها الواقدي أثر ملموس في جعله موضع ثقة معاصرية في استمكان المواضع التي حصلت فيها حوادث السيرة بعامة والمغازي


(*) كتبت دراسة مستفيضة هذا الكتاب ومؤلفه والموارد التي اعتمد عليها الواقدي في كتابه هذا، ينظر، الكبيسي، محمد فضيل، الواقدي ومنهجه وموارده في كتاب المغازي، اطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الاداب جامعة بغداد، ١٩٩٢.
(٥) ينظر، المغازي، ١/ ١٠، ١١، ١٢، ١٣، ١٧، ٢١، ٢٨، ١٩٥..
(٦) ينظر، الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ٣/ ٦.
(٧) ينظر، الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ٣/ ٦.

<<  <   >  >>