للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب. مدونات التابعين وتابعيهم:

جاء بعد الصحابة جيل التابعين أو من اتصل بهم وسمع منهم أخبار عصر الرسالة بتفصيلاته الدينية والدنيوية، وقد أكمل هؤلاء ما بدأه سابقوهم بتدوين أحداث السيرة ونشرها بين الناس. إذ وجدنا مدوناتهم قد كانت أكثر وضوحا وشمولية من سابقتها، وذلك لتبني بعضهم مهمة جمع وتدوين بعض النصوص التي وقعت بين أيديهم والتي كتبها بعض الصحابة. تلك النصوص التي تخص مشاهد الرسالة والأحداث التي عاصروها من جانب، ومن جانب آخر وجود حافز تمثل في دور مؤسسة الخلافة التي كان الأمويون على رأسها؛ حين اتجهت هذه المؤسسة الى السؤال والاستفسار من بعض هؤلاء التابعين عما يعرفونه من أخبار حول حوادث معينة من حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم، وما رافقها من أمور الدعوة والدعاة، وهذا الأمر يعدّ نقلة نوعية في المسار التطوري لكتابة السيرة النبوية، فضلا عن ذلك فإن هذه المدونات تتصف بطابعها الإنساني وواقعيتها ويندر فيها ما نشاهده لدى المؤرخين في ما بعد من مبالغات «٥١» .

ولّدت هذه الأمور مجتمعة دورا أساسا في تكوين مرحلة انتقالية أطلق عليها (المرحلة الانتقالية بين دراسة الحديث ودراسة المغازي) «٥٢» ، ويعطي أحد الباحثين بعدا أكثر شمولية من الرأي السابق إذ يقول: " وقد شرع الناس في الجيل التالي للصحابة، جيل التابعين بجمع روايات وأقوال النبي (ص) وأفعاله


(٥١) الدوري، بحث في نشأة علم التأريخ، ص ٢١.
(٥٢) المصدر نفسه، ص ٢١.

<<  <   >  >>