للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأنصار في هذه المشاهد، على الرغم من موقفهم المتخاذل في نصرة الخليفة عثمان بعدما حوصر وقتل في داره «٥٥» .

تعطينا هذه الرواية- إن صحت- الجواب عن التساؤل الذي يتبادر إلى الذهن حول مصير هذه المدونة عند المعاصرين والمتأخرين عن عصر أبان، ولكن هنالك نص أورده ابن سعد في حديثه عن المغيرة بن عبد الرحمن يقول فيه: " كان ثقة قليل الحديث إلا مغازي رسول الله أخذها من أبان" «٥٦» ، فكان هذا النص مبينا المصير الذي آلت إليه هذه المدونة بعد ما اجتمعت عليها هاتان الصعوبتان اللتان كانتا عاملا مهما في اندثار هذه المدونة، ويعلق أحد الباحثين على هذا الأمر بالقول: " إن أبان بن عثمان لم يرزق التلاميذ والرواة الذين يوصلون مروياته أو مدوناته في المغازي والسير إلى مسامع الناس" «٥٧» ، وقد قطع الدوري بعدم وصول أي شيء من هذه المدونة في المصنفات التي اعتمدت مرويات أقرانه من التابعين عند حديثها عن سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأحواله «٥٨» .

من هذا كله نخرج بمحصلة نهائية هي أننا لا نستطيع إيضاح الأسس والثوابت التي عرض بها أبان سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في مدونته تلك، وذلك لاندثارها، وعدم وجود نقول منها في الكتب المتأخرة عنها، فضلا عن اسقاط أحد الباحثين أبان من ممثلي بدايات كتابة السيرة النبوية.


(٥٥) ينظر الزبيري، الزبير بن بكار، (ت ٢٤٣ هـ) ، الأخبار الموفقيات، تحقيق: سامي مكي العاني، ديوان الأوقاف، بغداد، ط ١، ١٩٧٢، ص ٣٣١- ٣٣٤.
(٥٦) الطبقات الكبرى، ٥/ ١٥٦.
(٥٧) الأعظمي، محمد مصطفى، مغازي عروة بن الزبير، جمع وتحقيق، منشورات مكتب التربية لدول الخليج العربي، الرياض، ط ١، ١٩٨١، ص ٢١.
(٥٨) ينظر، بحث في نشأة علم التأريخ، ص ٢١.

<<  <   >  >>