للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدينة) «١٨٦» ، ولكن هذا لا يعني أن تدوين السيرة قد انحصر في المدينة بل شاطرتها أمصار إسلامية في عملها هذا ولكن بصورة أضيق منها، إذ أوضح ابن تيمية الحراني (ت ٧٢٨ هـ) مكانة كل مصر من هذه الأمصار في تدوين المغازي والسيرة إذ يقول: " أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق فأهل المدينة أعلم بها لأنها كانت عندهم" «١٨٧» ، في حين يعطي الأوزاعي (ت ١٣٣ هـ) وصفا أكثر تطرفا لمكانة هذه الأقاليم بتدوين ورواية السيرة إذ يقول: " ومغازي رسول الله وأصحابه كانت من جانب الشام والحجاز دون العراق" «١٨٨» .

ذكرت إحدى الدراسات الحديثة أن مكانة أهل الشام لا تقل قدرا عن مكانة أهل المدينة في رواية وتدوين السيرة والمغازي، وذلك باستعراضها للعديد من الأسماء الذين ذكرت بعض المصادر قيامهم بكتابة وتدوين بعض حوادث السيرة «١٨٩» ، أما بالنسبة الى مكانة أهل العراق في رواية وتدوين المغازي فكانت أكثر وضوحا من سابقتها إذ أشار أحد المصادر إلى مقولة ذكرها عبد الله بن عمر بن الخطاب عن مكانة عامر الشعبي (ت ١٠٣ هـ) برواية المغازي، إذ وصفه- بعد ما سمعه يحدث الناس ويقرأ عليهم المغازي- قائلا: " لهذا أحفظ مني


(١٨٦) ينظر، مصطفى، التأريخ العربي والمؤرخون، ١/ ٤٩- ١٦٩.
(١٨٧) أحمد بن عبد الحليم، مقدمة في أصول التفسير، تحقيق: عبد الرحمن الوكيل، دار الطليعة، بيروت، ط ١، ١٩٨٠، ص ٩.
(١٨٨) أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، (ت ١٨٢ هـ) ، الرد على سير الأوزاعي، تحقيق: مصطفى السقا، المكتبة السلفية، القاهرة، ١٣٧٨ هـ، ص ٤.
(١٨٩) ينظر، عطوان، حسين، الرواية التأريخية في بلاد الشام في العصر الأموي، دار الجيل، بيروت، د، ت، ص ٩٥، ٢٠٦- ٢٠٨.

<<  <   >  >>