للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شبه مرجليوث هذا الموقف من قبل الأمويين بالسد الذي تجمعت خلفه المياه فما أن إنصدع هذا السد وتلاشى حتى ظهرت إلى العيان السيرة المبوبة والشاملة للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم بإيعاز من السلطة المركزية المتمثلة بالخليفة نفسه «٢٢٨» .

٢. ندرة مواد الكتابة وغلاء أثمانها، إذ كان هذا العامل من العوامل المباشرة التي أدت إلى تأخر عملية التدوين للمرويات الشفوية، بسبب طبيعة مواد الكتابة وأحوالها التي يصفها ابن النديم بالقول: " كتب أهل مصر بالقرطاس المصري ويعمل بالقصب البردي والروم تكتب بالحرير الأبيض والرق وغيره في الطومار المصري، وفي الفلجان وهي جلود الحمير الوحشية، وكانت الفرس تكتب في جلود الجواميس والبقر والغنم، والعرب تكتب في أكتاف الأبل واللخاف وهي (الحجارة الرقاق البيض) وفي عسب النخل، والصين في الورق الصيني ويعمل من الحشيش ... فأما الورق الخراساني فيعمل من الكتان ويقال إنه حدث في أيام بني أمية وقيل في الدولة العباسية ... وقيل أن صناعا من الصين عملوه في خراسان على مثال الورق الصيني ... " «٢٢٩» .

يبدو لنا من كلام ابن النديم أن هذه المواد كانت تتسم بالقلة لاختصاص كل بلد بمادة يكتب فيها لعدم وجود مواد كثيرة منها تساعد على انتشارها في كل البلاد، وإن وجدت فإنها غالية الأثمان، مما أسهم ذلك في قلة الكتابة والاعتماد على الحفظ «٢٣٠» ، وظل الاقتصاد فيها مستمرا حتى انتقلت صناعة


(٢٢٨) ينظر، دراسات عن المؤرخين العرب، ص ١٩.
(٢٢٩) الفهرست، ص ٢٢- ٢٣.
(٢٣٠) ينظر، جب، هاملتون، دراسات في حضارة الإسلام، ترجمة: إحسان عباس وآخرين، دار العلم للملايين، بيروت، ط ٢، ١٩٧٧، ص ٢٨٦.

<<  <   >  >>