للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيارته مع يحيى البرمكي لبيت الله الحرام، واطلعهما الواقدي على تلك الأماكن «٦» .

كان هذا الموقف الذي أنتهجه العباسيون تجاه المهتمين بأخبار السيرة والمغازي تحصيل حاصل وأمرا لا مناص منه، إذ كانت حالة التذبذب والعشوائية في كتابة السيرة هي السمة التي اتسمت بها المدونات الأولى لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في العصر الأموي، فما كان من العباسين إلا أن حاولوا تغيير الكيفية والحال الذي سارت عليه كتابة السيرة، باتباع سياسة جديدة تمثلت بدعم وتشجيع المهتمين بها وتقريبهم إلى بلاطهم.

شبه بعض الباحثين الدولة الأموية بالسد الذي تجمعت خلفه أشياء كثيرة فعندما تصدعت أركان هذا السد وانهار بسقوط الأمويين ودولتهم، انفتحت لأجل ذلك قرائح العلماء بالكتابة والتصنيف في مختلف الاتجاهات بعد بروز قوى متعددة مثلت كل واحدة من هذه القوى فكرة واتجاها معينا، مما أشعر السلطة الجديدة بمخاطر هذا الأمر، فما كان منهم إلا أن غيروا سياسة المنع وعدم التشجيع بسياسة تمثلت باحتواء هذه الحالة الجديدة فعمدت إلى إلحاق مشاهير العلماء في مختلف ميادين المعرفة، وعلماء السيرة والمغازي منهم بخاصة بالدولة، ودفع هؤلاء بما أجز لوه لهم من عطايا وأموال بتعديل وتزييف بعض الحقائق، فالرقيب العباسي لم يأخذ بسياسة المنع بل لجأ إلى سياسة التعديل والشطب والتغيير وإضافة أشياء مصطنعة «٧» .


(٦) ينظر، ابن سعد، الطبقات الكبرى، ٥/ ٣١٥- ٢١٩، ٧/ ٧٧، ياقوت الحموي، معجم الأدباء، ١٨/ ٢٧٩.
(٧) ينظر، مرجليوث، دراسات عن المؤرخين العرب، ص ١٦- ١٧، زكار، التأريخ عند العرب، مجلة قضايا عربية، ص ١٣.

<<  <   >  >>