للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا﴾ قرئ بكسر الطاء وضمها (١)، وهما لغتان.

والبطش: الأخذُ بقوةٍ والقدرةُ على الإمساك، وبهذه الزيادة يكون الأخذ من خواصّ اليد من بين (٢) الأعضاء، كما أن المشي بما فيه من الزيادة على مطلق الحركة يكون من خواصِّ الرجل، وإعادةُ أداة الاستفسار على وجه الإنكار دون أداةِ الجمع؛ للإشعار باستقلال انتفاءِ الكلِّ منهما في الإبطال والإثبات المذكورَين آنفًا.

﴿أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ ﴿أَمْ﴾ منقطعة فتقدَّر بـ (بل) والهمزة، وهو إضراب على معنى الانتقال لا على معنى الإبطال، وإنما هو تقرير على نفي كلِّ واحدة من هذه الجملة، وتوجه النفي إلى الوصف لأنهم كانوا يصوِّرون هذه الأعضاء للأصنام.

﴿قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ﴾ من بابِ وضعِ الظاهرِ موضعَ المضمَر للتهكُّم بعد إثبات عجزهم؛ أي: استعينوا بهم على الضر إليَّ.

﴿ثُمَّ كِيدُونِ﴾؛ أي: بالِغوا فيما تقدرون عليه من مكروهي (٣) أنتم وشركاؤكم.

﴿فَلَا تُنْظِرُونِ﴾: فلا تهملوني (٤) فإني لا أبالي بكم، وهذا غايةُ الوثوق على ولاية الله تعالى وحفظه، ولهذا قال بعده على سبيل التأكيد بـ ﴿إِنَّ﴾: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ﴾


= فيه (٤/ ٢٧٧ - ٢٨١)، وقد نقلنا بعضًا من كلامه قبل قليل.
(١) قرأ بضم الطاء أبو جعفر، وباقي العشرة بكسرها. انظر: "النشر" (٢/ ٢٧٤).
(٢) "بين" ليست في (ف).
(٣) في (ف): "مكروه". والمثبت من باقي النسخ و"تفسير البيضاوي" (٣/ ٤٦)، ومعنى (من مكروهي): من أذيتي ومضرتي. انظر: "حاشية القونوي على البيضاوي" (٨/ ٥٧٧). وجاء في نسخة من "البيضاوي": (من مكر أنتم وشركاؤكم). انظر: "حاشية الشهاب على البيضاوي" (٤/ ٢٤٦).
(٤) في (ك): "تمهلوني". وجاء في هامش (ف) و (م): "من لم يتنبه لهذا قال في تفسيره: فلا تمهلوني. منه".