للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يُرِيدُ﴾ في مقابلةِ هذا القولِ في السعداءِ يرجِّحُ نقل الأشقياءِ إلى ما هو أغلَظُ من عذاب النارِ من عقوباتٍ يقتَضِيها سخَطُ اللهِ تعالى، وما يعلمها إلا هو.

* * *

(١٠٩) - ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ﴾.

﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ﴾ المريةُ: التردُّدُ الحاصِلُ مع الشكِّ، لما قصَّ قصصَ عبدةِ الأوثانِ وما حلَّ بهم من أنواعِ العذابِ والنقَمِ أقبلَ عليه مسلِّياً (١) بقولِه هذا؛ أي: لا تكُن في تردُّدٍ بعدما أُنزِلَ إليكَ من (٢) سوءِ عاقبة قومِكَ، ووبالِ عبادتهم الأوثانَ.

﴿مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ﴾: من عبادةِ هؤلاء المشركينَ في أنها ضلالٌ مؤدٍّ إلى مثل ما حلَّ بمن قبلَهم ممن قصَصْتُ عليكَ سوءَ عاقبةِ عبادَتِهم، أو من حالِ ما يعبدون في أنه يضرُّ ولا ينفَعُ.

﴿مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ استئنافٌ لتعليل النهي من المريةِ؛ أي: إن حالهم في الشركِ مثلُ حالِ آبائهم من غيرِ تفاوتٍ، وقد بينَّا لك ما نزلَ بآبائهم بسببِه، فينزِل (٣) عليهم مثلُه؛ لأن التماثُلَ في الأسبابِ يقتضي التماثلَ في المسبَّباتِ.

ومعنى ﴿كَمَا يَعْبُدُ﴾: كما كان يعبد، فحذِفَ لدلالةِ ﴿قَبْلُ﴾ عليهِ.


(١) في (ف): "متلبساً"، وفي (م): "متسلياً".
(٢) في (ك) و (م): "في".
(٣) في (ك) و (م): "فينزلن".