للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صفةُ مصدرٍ محذوفٍ؛ أي: إيمانًا مثلَ إيمانِ النَّاسِ، واللَّامُ في (النَّاس) للجنْس، إمَّا لأنَّهم الكاملون في الإنسانيَّةِ من بابِ ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾، وإمَّا لأنَّ غيرَهم ليس بناسٍ حقيقةً؛ لقُصُورهم وانحطاطِهم عن رُتبةِ الإنسانيَّةِ، بل رتبةِ البهيميَّةِ، وفي الأول نظرٌ إلى كمال المؤمنينَ، وفي الثاني إلى قُصور غيرِهم على نحو:

إِذِ النَّاسُ ناسٌ والزَّمانُ زمانُ (١)

وهذا أبلغُ في هذا المقامِ، ولا دلالةَ فيه على قَبول توبةِ الزِّنديقِ؛ لأنَّ النِّفاق غيرُ الزَّنْدقةِ، كيفَ ويُقتلُ الزِّنديقُ دونَ المنافقِ؟ ولم يقلْ أحدٌ: إنَّ في عدمِ قتْله Object المنافقَ (٢) دلالةٌ على عدم قتْلِ الزِّنديق.

ثُمَّ إنَّ دلالةَ التقييدِ على أنَّ في أفراد الإيمانِ تفاوتًا بالكمال والنُّقصانِ، لا على أنَّ الإقرارَ باللِّسان وحدَه إيمانٌ.

﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ﴾ الاستفهامُ للإنكارِ.

﴿كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾ لمَّا كان المأمورُ به مشبَّهًا آتَوا بإنكارهم مشبَّهًا (٣)، واللَّامُ للعهد والإشارةِ إلى الناس، والسَّفهُ: خِفَّةٌ في البَدَنِ أو في المقال يقْتَضِيْها نقصانُ العقلِ، والحِلْم: رَزانةٌ في البَدنِ يقتَضيْها وفورُ العقلِ.

نَصحُوهم بأمرين (٤): تقبيحِ ما هُم (٥) فيه لأدائهِ إلى الفساد والفِتنةِ، وتبصيرِهِم


(١) عجز بيت كما في "يتيمة الدهر" للثعالبي (٤/ ٣١١)، وصدره:
بلاد بها كنا وكنا نحبها (٢)
(٢) في "ح " و"ك" و"م": (عدم قتله دم المنافق)، وفي "ف": (عدم قتل المنافق)، والمثبت من "د".
(٣) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (شبيهًا أتوا بإنكارهم شبيهًا)، والمثبت من "د".
(٤) في "ح " و"ف" و"ك": (يصحون بأمر من)، والمثبت من "د" و"م".
(٥) في "م" و"ك": (حالهم).