وليس بين يدي الساعة أمر أكبر ممن فتنتها، ولا شر أكثر من محنتها، وإن كانت مدتها قصيرة، فوطأتها أليمة ثقيلة، وإن كانت عدتها يسيرة، فخطتها وخيمة وبيلة.
وهي أدل دليل على انقضاء الأيام المهدية، سقى الله عهدها، ثم لا خير في عيش الحياة بعدها، وليس بينها وبين النفخة الأولى مدة طويلة ولا نعمة طائلة، بل تترى فيما بين ذلك أمور معضلات وأهوال هائلة، وتضرب الفتن بكل خطة فسطاطها، وتؤجج نارها، وتنصب المحن بكل بقعة سراطها وتزهج غبارها.
ويخرج يأجوج ومأجوج في عدد لا يحصيه غير الذي خلقهم، مختلفة أحوالهم وأشكالهم، وينتشرون في السهل والوعر، وينشفون المياه، ويرعون الشجر، ولا تمنعهم الجبال السامية، ولا تدفعهم البحار الطامية، يعدون الفراسخ وإن امتدت خطوة، والأيام وإن طالت هفوة، ويخصرون نبي الله عيسى ومن معه من المسلمين، ويرمون بنشابهم إلى السماء مقاتلين، فيهلكم في ليلة واحدة ذو القوة المتين، ويستوقد المسلمون من جعابهم وقسيهم سبع سنين، ويرسل الله تعالى عليهم طيراً فتحمل رممهم إلى حيث شاء، ويطهر الأرض من جيفهم مطر السماء، ثم تنزل السماء بركتها، وتخرج الأرض ثمرتها، فتعم البركة والخير الأداني من الناس والأقاصي، ويندفع الضر والضير عن الأطراف منهم والنواصي.
ثم يبعث الله ريحاً طيبة، فتقبض كل روح طيبة زكية، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الخمر الإنسية.
وتخرج الدابة فتسم كل باد وحاضر، وتميز بين كل مؤمن وكافر، وينقطع سبل الحاج وتخرب يشرب ويغلق باب التوبة، وتطلع الشمس من المغرب ويرتفع القرآن الكريم من المصاحف والصدور، ويمتد البلاء