مشارع الآلاء وقد كانت صافية، وتقلصت سوابغ النعماء بعد ما كانت صافية، وتظاهر بالمنكرات الفاجر والبر، وظهر الفساد في البر والبحر، وفقد من يقصد إليه في الحوائج إذا جلت، وعدم من يعول عليه في الجوانح إذا حلت، وقل من يعود به كل هارب وراهب، وعز من يلوذ به كل طالب وراغب، وكثرت الشحناء بين الأقارب والأجانب، ودارت رحى الحرب الزبون من كل جانب، وعمت الأنام الحيرة والذلة عموم المطر، وأحاط بهم الرعب والخذلان إحاطة الهالة بالقمر، وعم عدوان المارقين وانتشر شرهم، وعيل صبر المتقين وعال ضرهم، وتقطعت السبل وانسدت المسالك، وترادفت الفتن وكثرت المهالك، فجمحت النفوس إلى كشف هذه الغمة عن الأمة، وجنحت القلوب إلى شغب صدع هذه الصدمة وقلنا: وكيف السبيل إلى الخلاص، ولات حين مناص.
فزعم بعضهم أن نار الحرب لا تزداد إلا تضرماً واستعاراً، ولا يزداد الأمر إلا شدة ولا الدنيا إلا إدباراً، وأصر على عدم مفارقة هذا المعنى، وتشبت بأذيال الأحاديث