للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبّه من قلبه، حتّى وقع لما به (١)، ولزم الفراش بسببه. وتمنّع ذلك الشخص عليه، واشتدّ نفاره عنه. فلم تزل الوسائط يمشون بينهما، حتّى وعده أن يعوده. فأُخبِرَ بذلك البائسُ، ففرح، واشتدّ سروره، وانجلى غمّه، وجعل ينتظره للميعاد الذي ضربه (٢) له. فبينا هو كذلك، إذ جاءه الساعي بينهما، فقال: إنّه وصل معي إلى بعض الطريق، ورجع، فرغبت إليه، وكلّمته، فقال: إنّه ذكرني، وبرّح بي، ولا أدخل مداخل الريب، ولا أعرّض نفسي لمواقِع التهم. فعاودتُه، فأبى، وانصرف. فلمّا (٣)

سمع البائسُ أُسْقِط في يده، وعاد إلى أشدّ مما كان به (٤)، وبدت عليه علائم الموت. فجعل يقول في تلك الحال:

أسلَمُ، يا راحةَ العليلِ … ويا شِفا المدنِف النحيلِ


= النحوي الشاعر صاحب أبي الحسن أسلم بن أحمد بن سعيد ابن قاضي الجماعة. والقصة أوردها الحميدي في جذوة المقتبس (١٤٣) من رواية ابن حزم. وانظر مصارع العشاق (١/ ٢٩٧)، ومعجم الأدباء (١/ ٤٢٢).
(١) كذا في جميع النسخ. وقولهم: "هو لما به" أو "أنا لما بي" تعبير عن حالة مبرّحة من شدّة المرض أو الكرب وهو شائع في كلام المتقدمين. ومن ذلك قول مصقلة بن هبيرة لما سئل عن معاوية : "زعمتم أنّه لما به، والله لقد غمزني غمزةَ كاد يحطمني … " (زهر الآداب ١/ ٥٠). وفي روضة المحبين (٤٨٤): "وقيل لبثينة: هذا جميل لما به. فهل عندك من حيلة تنفسين بها وجده". ومنه قول ابن زيدون (ديوانه: ٥٠):
الله يعلم أنّي … أصبحتُ فيكِ لما بي
وقد أشكلت العبارة على ناشري الكتاب، فغيروها إلى: "ألمًا به".
(٢) س: "ضرب".
(٣) س: "كلما"، تحريف.
(٤) ز: "عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>