للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالدّين إذا: عقائد، وعبادات. ومعاملات، وأخلاق، وهذه الأقسام الأربعة اكتملت بالرسالة المحمّدية، وتعاليم خاتم المرسلين، فبلغت الغاية التي ليس وراءها غاية.

[مقارنات بما في رسالة الإسلام والرسالات الآخرى:]

والآن تعالوا نستعرض الكتب السماوية لنقارن ما فيها من هذه الأقسام الأربعة: أما التوراة، والإنجيل؛ فالذي فيهما من العقائد لا يروي الغليل، ولا يشفي العليل، نعم نجد فيهما ذكرا لوجود الله، وتوحيده، لكننا لا نجد فيهما دليلا يريد ذلك، ولا برهانا يحمل النفوس على التصديق به، كما لا تجد فيهما ذكرا للصفات الإلهية التي تزكو بها الروح الإنسانية، وتطهر بها نفوس البشر، وتنشأ بها محبّة الله، وعرفانه.

فقبل البعثة المحمّدية لم يكن الناس يعرفون هذه الأمور، ولا كشفت لهم الحجب عن حقيقة النبوة، والرسالة، والوحي، والإلهام، والصلة بين الله ورسله، ومكانة الأنبياء ومنازلهم، وكيف يؤمن الناس بالنبوة، وما معنى الإيمان بالأنبياء، وما معنى عصمتهم، هذه المسائل كلّها لم ينكشف أمرها، ولم يقف النّاس على بيانها قبل الرسالة المحمّدية؛ لأننا لم نر نبيا من الأنبياء تصدّى لذلك، وأفاض فيه، أما الجزاء على الأعمال، وأمر الجنّة والنار، والحشر، والنشر، والقيامة والحياة بعد الموت، فكلّ ذلك غامض قليل الوضوح في التوراة، ولا نقرأ عنه في الإنجيل إلا فقرتين في جواب يهودي، والجنّة والنار لا نرى عنهما إلا فقرتين كذلك، بينما الرسالة المحمّدية هي التي أفاضت في هذه الأمور بوضوح عظيم.

[مقارنات بين الوصايا العشر والآيات من سورة الإسراء:]

وإذا أردت أن تعرف الملائكة من التوراة التبس عليك أمرهم، وقد يشق عليك أن تميّز بين حديث التوراة عن الله وحديثها عن الملائكة «١» .

وذكر فيها الملكان، والتبست في الإنجيل حقيقة روح القدس التباسا


(١) انظر سفر التكوين (١٨: ١ و ١٩: ١) .

<<  <   >  >>