للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطنه هائما على وجهه حتى بلغ (بنارس) «١» ثم (كيا) «٢» و (بايلي بتر) «٣» ثم (راجكير) «٤» وتاه فيما بين ذلك من جبال وغابات ومدن وقرى، ولم يزل هائما على وجهه متجولا بين هذه البقاع النائية حتى بلغ في تجواله إلى (كيا) فتجلت له الحقيقة المحجوبة، وهو تحت شجرة من أشجار «بيبل» «٥» فرأى نور الحقّ ساطعا، وادّعى أنه أدرك سرّ الحقيقة، فخرج يدعو الناس إلى دينه بين (بنارس) و (بهار) ثم مضى لسبيله. هذه جملة ما نعلم من سيرة «بوذا» وحياته.

وزردشت يعدّ واحدا من الذين أسسوا بنيان الدّين وبدؤوا بالدّعوة إليه، وقد أسلفنا أنّ حياته مجهولة كذلك، ولا يتتبع أثرها إلا أهل القياس والاستنتاج من علماء التاريخ. وأنا لا أقول شيئا من عند نفسي في سيرة زردشت، بل أعرض عليكم نبذة مما كتب عنه في «دائرة المعارف البريطانية للقرن العشرين» وهي تعدّ من أوثق المصادر في التاريخ:

«إن زردشت الذي عرفناه من أبيات شعرية في (كاثا) «٦» غير زردشت الذي نراه في (وستا) الجديدة، فالموصوف في المصدر الأول مباين للمذكور في المصدر الثاني ومضادّ له. وعلى كل فإن الأسطورة التي تشتمل على الحياة المستغربة (وقد نقل الكاتب شؤونا في سيرته من كاثا) لا تدلّنا على حياة زردشت دلالة واضحة، ولا تهديناا السبيل إلى معرفته معرفة تاريخية، بسبب ما نجد من غموض لا ندرك معناه.

وأخذ الكاتب يسرد المصنفات التي وضعت في هذا العصر عن حياة


(١) بنارس (Banares) إحدى مدن الهند تقع على نهر غنغا في ولاية أترابرديش، وهي مقدّسة عند الهندوس.
(٢) كيا (Gaya) : مدينة هندية قديمة تقع في ولاية «بهار» .
(٣) بايلي بتر: مدينة هندية قديمة تسمّى اليوم ب «بتنه» وهي عاصمة ولاية «بهار» .
(٤) راجكير: مدينة هندية قديمة تسمّى اليوم ب «بهار» .
(٥) بيبل: نوع من الأشجار ذات أوراق كبيرة، تكثر في الهند.
(٦) الأفستا: هو الأسفار المقدسة عند الزرادشتية، كان مفقودا، عثر عالم الآثار الفرنسي دوبرن على قسم منه، وقام بنشره وترجمته.

<<  <   >  >>