ويبلغ هذا الغلاف الغازي من الكشافة درجة تحول دون وصول ملايين الشهب القاتلة ميلا الينا، منقضة بسرعة ثلاثين ميلا في الثانية، والغلاف الذي يحيط بالأرض يحفظ درجة حرارتها في الحدود المناسبة للحياة، ويحمل بخار الماء من المحيطات إلى مسافات بعيدة داخل القارات، حيث يمكن ان يتكاثف مطرا يحيي الأرض بعد موتها، والمطر مصدر الماء العذب، ولولاء لاصبحت الأرض صحراء جرداء خالية من كل أثر للحياة. ومن هنا نرى ان الجو والمحيطات الموجودة على سطح الأرض نمثل عجلة التوازن في الطبيعة.
ويمتاز الماء بأربع خواص هامة تعمل على صيانة الحياة في المحيطات والبحيرات والأنهار، وخاصة حيثما يكون الشتاء قارسا وطويلا، فالماء يمتص كميات كبيرة من الأوكسجين عندما تكون درجة حرارته منخفضة. وتبلغ كثافة الماء أقصاها في درجة اربعة مئوية. والثلج أقل كثافة من الماء مما يجعل الجليد المتكون في البحيرات والأنهار يطفو على سطح الماء لخفته النسبية، فيهيئ بذلك الفرصة لاستمرار حياة الكائنات التي تعيش في الماء في المناطق الباردة. وعندما يتجمد الماء تنطلق منه كميات كبيرة من الحرارة تساعد على صيانة حياة الاحياء التي تعيش في البحار.
أما الأرض اليابسة فهي بيئة ثابتة لحياة كثير من الكائنات الأرضية، فالتربة تحتوي العناصر التي يمتصها النبات ويمثلها ويحولها إلى انواع مختلفة من الطعام يفتقر اليها الحيوان. ويوجد كثير من المعادن قريبا من سطح الارض، مما هيأ السبيل لقيام الحضارة الراهنة ونشأة كثير من الصناعات والفنون. وعلى ذلك فان الأرض مهيأة على أحسن صورة للحياة. ولا شك ان كل هذا من تيسير حكيم خبير، وليس من المعقول ان يكون مجرد مصادفة أو خبط عشواء. ولقد كان أشعياء على حق عندما قال مشيراً إلى الله:(لم يخلقها باطلاً، للسكن صورها)(٤٥: ١٨) .
وكثيرا ما يسخر البعض من صغر حجم الأرض بالنسبة لما حولها من فراغ لا نهائي.