مجموعات من الكتب والوثائق ظهرت في عصور مختلفة، يطلق على بعضها اسم (المخطوطات) دون ان يقترن هذا الاسم بصفة من الصفات، لكي يدل ذلك على انها تقف وحدها فوق مستوى سائر المخطوطات الأخرى، ويبلغ عدد المخطوطات بالذات ستا وستين. وقد كتبها عدد كبير من الكتاب في مدى اربعة عشر قرنا، ومع ذلك فهي جميعا تؤلف كتابا واحدا يدور حول محور واحد. وبرغم ان كتابة هذا الكتاب قد استغرقت ١٤٠٠ سنة، واشترك فيه انتاجها كتاب عاشوا في بلدان متفرقة، ولم تتح الظروف لاي منهم ان يتعرف بالآخرين، فاننا نجد بينهم تجانسا في التفكير ووحدة واتفاقا في الغاية. ولقد حقق التاريخ ما جاءت به هذه الكتب إلى درجة عجيبة، مما يدل على صدقها، وها نحن اولاء نراها جميعا تؤكد من أول كلمة فيها إلى آخر سطر من سطورها، أن لخالق هذا الكون وجودا ذاتيا.
فاذا نظرنا إلى العقائد التي يأخذ بها الأنسان، والى الأسباب التي تجعله يعتقد في صحتها، فاننا نجد ان كل ذلك يتحدد إلى درجة كبيرة بعاملين هما: ذكاء الإنسان والبيئة التي تحيط به وتؤثر عليه، ويمكننا ان نقسم هذه المعتقدات إلى قسمين: واقعية ونظرية. وللتأكد من صحة المعتقدات الواقعية لابد ان يكون الإنسان قد وصل اليها باستخدام الأسلوب العلمي في التفكير. ومن الواضح ان تحقيق هذه الشرط بالنسبة لجميع المعتقدات الواقعية التي يأخذ بها الإنسان في حياته يعد أمرا مستحيلا، ويرجع ذلك إلى كثرة هذه المعتقدات وتعقدها، ومع ذلك فان الانسان يتقبلها ويسلم بصحتها لسببين: أولهما: ان المجتمع الذي يعيش فيه والكتب التي يقرؤها تقر هذه الافكار وتقبلها، وثانيهما: انه يجدها صحيحة عند استخدامها أو تطبيقها في حياته اليومية.
اما عن المعتقدات النظرية، فكثيرا ما تتجلى فائدتها للإنسان وتثبت صحتها وسلامتها عند ممارستها، ومع ذلك فانه لإسباب متعددة لا يمكن ان يسلم جميع الناس بصحتها، كما