فمن الذي قدر وأوجد تلك القوانين العديدة التي تتحكم في وراثة الصفات وفي نمو النبات؟ وسوف يقودنا هذا السؤال إلى سؤال آخر وأشد تعقيدا واكبر عمقا، وهو من اين جاءت النباتات الأولى؟ أو بعبارة اخرى كيف خلق النبات الأول؟ ونحن لا نستطيع ان نصل بعقلنا الطبيعي ومنطقنا السليم إلى ان هذه الاشياء قد أنشأت نفسها بنفسها أو نشأت هكذا بمحض المصادفة، ولابد لنا من البحث عن خالق مبدع، ويعتبر التسليم بوجود الخالق أمرا بديهيا تفرضه عقولنا علينا.
والان لنعد إلى سؤالنا الاصلي: من الذي خلق النباتات الأولى؟ وللإجابة عن هذه السؤال دعني أسجل هنا ما جاء في كتاب كتب منذ ما يزيد عن ثلاثة آلاف من السنين وتناول حوادث وقعت منذ أربعة آلاف سنة على الأقل. ذلك هو سفر أيوب، حيث جاء في الفصل الثامن والثلاثين منه ما يأتي:
(اين كنت حين أسست الأرض.. ترنمت كواكب الصبح معا وهتف جميع بني ألله.. ومن حجز البحر بمصاريع حين اندفق فخرج من الرحم. اذ جعلت السحاب لباسه والضباب قماطه، وجزمت عليه حدي وأقمت له مغاليق ومصاريع، وقلت إلى هنا تأتي ولا تتعدى وهنا تتخم كبرياء لججك.. في اي طريق يتوزع النور وتتفرق الشرقية على الأرض: من فرع للهطل وطريقا للصواعق ليمطر على أرض حيث لا انسان. على قفر لا احد فيه. ليروي البلقع والخلاء وينبت مخرج العشب.. هل تربط أنت عقد الثريا أو تفك ربط الجبار. أتخرج المنازل في أوقاتها وتهدي النعش مع بناته. هل عرفت سنن السموات أو جعلت تسلطها على الأرض.. من يهيئ للغراب صيده اذ تنعب فراخه إلى الله)(١) .
(١) - ويقول القرآن في معنى مشابه: (أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) سورة النمل، آية: ٦٤.