فهو خليفة الخالق على الأرض، ولعل هذا هو عين ما يعنيه القديس بول بقوله:(ان للإنسان نشأة مقدسة) .
ويتفق ما وصلت اليه العلوم حول وجود الله مع ما جاء في الكتب السماوية من ان الانسان يحصل على العلم بطريقين: البصر والبصيرة. اما البصر فهو ما نتعلمه في حياتنا، وما نكتسبه عن طريق حواسنا من الخبرة بأمور الحياة، وأما البصيرة فهي ذلك النور الذي يفرغه الله في قلوبنا فيكشف لنا به ما لم نعلم (١) . وكذلك الحال فيما يتصل بالايمان بوجود الله، اذ لابد ان يقوم أولا على البصر وملاحظة ظواهر كتلك التي أشرنا اليها سابقا، ثم نلتجئ بعد ذلك إلى الله لكي يكمل ايماننا ويدعمه.
ان رجال العلوم يعتمدون على التجربة، وأنا مقتنع بوجود الله اعتقاداً يستند إلى أدلة تجريبية، ولكنها تجارب شخصية صرف، ومع ذلك فهي أقوى لدي من كل دليل، وأشد إقناعا لي من أي برهان رياضي. لقد لمست هذا الدليل في نفسي منذ اثنتين وثلاثين سنة عندما كنت بحجرتي في القسم الداخلي بجامعة كورنل يوم جاءني البرهان وأغدق الله على قلبي نور الإيمان. لقد أصبح الله لدي أكبر من كل ما سواه حتى انني أرضى ان افقد كل شيء في هذا الوجود، ولا أرتد إلى حالتي السابقة.
لقد كان هو سبحانه صاحب الفضل في هذا البرهان، فهو الذي أنزله على قلبي وجعلني اعتقد في وجوده.
(١) - (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا أولو الألباب) سورة البقرة، آية: ٢٦٩.