هذه الاجرام السماوية عند دراستها، بل لا نستطيع ان نعدل ما يطرأ على الموجات الضوئية والصوتية المنبعثة من هذه الاجرام من تغيرات بسبب المسافات الشاسعة التي تفصل بيننا وبينها.
ومع كل ذلك فان هذه الظروف لم تحل بيننا وبين دراسة هذه الكوكب والنجوم في سمواتها، والاستفادة من النظريات والقوانين التي وصلنا اليها في دراسات اخرى مشابهة في ميادين العلوم. وقد وصلنا بفض كل ذلك إلى كثير من المعلومات والحقائق عن هذه العوالم التي لا نستطيع ان نراها الا من بعد، ولا نستطيع ان نمحصها الا تحت ظروف صعبة معقدة. وما بالنا نذهب بعيدا وقد درسنا الذرة واستخدمنا ما نعرفه من قوانين الكتلة والطاقة في استنباط صفاتها وتركيبها وخواصها، ونحن مع ذ...لك لم نر الذرة حتى اليوم بطريقة مباشرة. ولقد ايدت القنبلة الذرية الأولى ما وصلنا اليه من قوانين ونظريات حول تركيب الذرة غير المنظورة ووظائفها. اننا نستدل على هذه الظواهر جميعا بآثارها، معتمدين في ذلك على الاستدلال المنطقي الصرف وعلى ما لدينا من حقائق اولية بسيطة تتعلق بهذه الظواهر والأشياء. واننا لنستطيع ان نستخدم نفس المنطق الاستدلالي في ادراك وجود الله تعالى ومعرفة صفاته. اننا نستطيع ان نستخدم المنطق لكي ندرك ان لخالق هذا الكون صفات تناظر الصفات التي نجدها في أنفسنا، فلابد ان يكون سبحانه متصفا بالحكمة والإرادة والقدرة.
ومما لا شك فيه اننا نحتاج في محاولتنا لوصف الخالق ومعرفة صفاته إلى مصطلحات ومعان تختلف اختلافا بينا عن تلك التي نستخدمها عندما نصف عالم الماديات، فالصفات المادية والتفسيرات الميكانيكية التي تقوم على نظريات السلوكيين تعجز عن ان تعيننا على تحقيق هذه الغاية. وبخاصة بعد ان تبين لنا ان هذا الكون الذي نعيش فيه لا يمكن ان يكون مادة صرفا وانما هو مادة وروح، أو مادة وغير مادة. ولا نستطيع ان نصف الاشياء غير المادية بالأوصاف المادية وحدها.