اما عن عقيدتي في وجود الله، فمن العبث ان انكر انها لم تتأثر بما تلقيته من تعاليم دينية في سنوات حياتي الأولى، اذ أنه لا سبيل إلى التخلص من الآثار التي تتركها هذه السنوات المبكرة من حياتنا في أنفسنا، ولكنني استطيع ان أؤكد انه بينما تتفق عقيدتي الدينية في الوقت الحاضر مع ما تعلمته في صباي عن وجود الله فان هذه العقيدة تقوم في الوقت الحاضر على أساس قوي يختلف كل الاختلاف عن الأساس الذي يقومن عليه الإيمان المستمد من سلطة الكنيسة ورجال الدين.
ولقد اتيح لي بفضل اشتغالي بدراسة الطبيعة، ان ادرس التركيب المعقد إلى درجة لا يتصورها العقل لبعض مكونات هذا الكون الذي لا تقل فيه روعة التذبذبات الداخلية لأصغر ذراته وما دون ذراته عن النشاط المذهل لأكبر النجوم السابحة في أفلاكها، والذي يسير فيه كل شعاع من الضوء، وكل تفاعل كيماوي او طبيعي، وكل خاصية من خواص كل كائن حي وفق قوانين ثابتة لا تتبدل ولا تتغير. تلك هي الصورة التي تقدمها لنا العلوم والتي كلما تأملها الانسان، اكتشف من بالغ دقتها ورائع جمالها ما لم يكن قد اكتشفه من قبل.
ومع تقدم الكشف العلمي، ظهرت أسئلة لا مفر منها، وهي أسئلة ليست مبتكرة وان كانت تبدو جديدة بسبب النظرة الحديثة إلى تكوين هذا الكون الذي يعتبر الإنسان جزءا منه لا يتجزأ. ومن هذه الاسئلة ذات القيمة الكبيرة بالنسبة لمسؤولياتنا ومصيرنا النهائي ذلك السؤال القديم:(هل يوجد اله علوي هو خالق هذا الكون) ؟
وهنالك سؤال آخر اكثر صعوبة من سابقة وهو السؤال الذي يردده كثير من الاطفال في موجة من موجات الألمعية المحافظة التي تطوف احيانا بمخيلاتهم وهو:(إذا كان لهذا الكون خالق، فمن الذي خلقه) ؟
ولا يمكننا ان نثبت وجود الله عن طريق الالتجاء إلى طرق المادية وحدها، إذ لم