ومن الممكن ان يكون لدينا أرانب مشابهة في الولايات المتحدة الاميركية، فالأرانب الاوروبية تختلف في نوعها عن الأرانب التي كانت تستوطن أمريكا، والتي لا تعرف الان الا في جزيرة سان جوان حيث تعيش في عزلة تامة منذ سنة ١٩٠٠. وقد حاول اصحاب بعض نوادي الصيد – بحسن نية طبعاً – ان يعمموا نوع الأرانب المسمى سان جوان في الولايات المتحدة كلها بسبب صعوبة استيراد النوع المسمى ذيل القطن (cottontail) وانتقاله من ولاية إلى اخرى كما كانت الحال من قبل. وكان من الممكن ان تصبح النتيجة خطيرة للغاية لان أرانب السان جوان تتكاثر في الولايات المتحدة بنفس السرعة التي تتكاثر بها الأرانب في أستراليا. ومن الاحتياطات الحديثة التي اتخذت لتلافي ذلك الخطر رفع الحظر عن صيد هذا النوع من الأرانب على مدار السنة.
ومن الطريف ان استخدام فيروس الارانب في أوربا قد أحدث اثره هنالك. فقد أحضر طبيب فرنسي من المهتمين بالموضوع – بسبب ما أحدثته الأرانب من الأضرار للأشجار في حديقته – بعض هذا الفيروس وحقن به بعض الأرانب البرية التي اصطادها، ثم أطلقها بعد ذلك. وقد ترتب على ذلك انخفاض عدد الارانب في فرنسا، بل الاقاليم الاوروبية المجاورة ايضا. ويتجادل الناس حول هذا الموضوع فتختلف وجهات نظرهم. فمنهم من يرى ان العمل قد ادى إلى خفض كمية اللحوم التي كانت تعيش عليها الطبقات الفقيرة. ومنهم من يرى أن هذا العجز يعوضه تحسين الانتاج النباتي بعد انخفاض عدد الأرانب.
لقد تحدثنا فيما قبل عن الأدلة على وجود الله. اما الأمثلة الأخيرة التي ذكرناها فانها تشهد بحكمته وتدبيره. فالتوازن الذي خلقه الله في سائر مظاهر الطبيعة يعتر من النوع الدقيق. وقد تؤدي اية محاولة للتدخل فيه إلى أضرار باللغة، ولذلك ينبغي ان يتريث الناس قبل ان يقدموا على أية محاولة لتعديل موازين الطبيعة، فذكاء الانسان أقل من ان يحيط بحكمة الخالق.