طريق المصادفة، فيشرحون لنا معنى المصادفة ويشيرون إلى استخدام الرياضة وقوانين المصادفة لمعرفة مدى احتمال حدوث ظاهرة من الظواهر. فاذا كان لدينا صندوق كبير مليء بآلاف عديدة من الاحرف الأبجدية، فان احتمال وقوع حرف الألف بجوار الميم لتكوين كلمة أم قد يكون كبيرا، اما احتمال تنظيم هذه الحروف لكي تكون قصيدة مطولة من الشعر أو خطابا من ابن إلى أبيه فانه يكون ضئيلا ان لم يكن مستحيلا. ولقد حسب العلماء احتمال اجتماع الذرات التي يتكون منها جزيء واحد من الاحماض الأمينية (وهي المادة الأولية التي تدخل في بناء البروتينات واللحوم) فوجدوا ان ذلك يحتاج إلى بلايين عديدة من السنين، والى مادة لا يتسع لها هذا الكون المترامي الاطراف. هذا لتركيب جزيء واحد على ضآلته، فما بالك بأجسام الكائنات الحية جميعا من نبات وحيوان. وما بالك بما لا يحصى من المركبات المعقدة الاخرى. وما بالك بنشأة الحياة وبملكوت السماوات والأرض. انه يستحيل عقلا ان يكون ذلك قد تم عن طريق المصادفة العمياء أو الخبطة العشواء. لابد لكل ذلك من خالق مبدع عليم خبير، أحاط بكل شيء علماً وقدر شيء ثم هدى.
ويبين الكتاب فوق ذلك مزايا الايمان بالله والاطمئنان اليه والالتجاء إلى رحابه في الصحة والمرض، وكلما نزلت بالإنسان ضائقة أو تهدده خطر أو أوشك أمل لديه ان يضيع. وقد لمس الكثيرون حلاوة الايمان في أنفسهم، بل بل ولزومه لهم ولغيرهم فتشبثوا به وحرصوا عليه حتى ذهب بعض العلماء إلى ان بالإنسان حاجة بيولوجية تدفعه إلى الإيمان بالله: فطرَتَ الله الّتي فَطرَ الناسَ عَلَيها) {الروم: ٣٠} ليس ذلك فحسب، بل ان الكتاب يذهب ليبين كيف ان الإيمان بالله هو أصل الفضائل الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية جميعا، فبدون هذا الايمان يصبح الإنسان غالباً حيواناً تحكمه الشهوة ولا يرده ضمير، خصوصا إذا لقن بعض المبادئ (الخالية من الإنسانية) .