تكون من النوع الذي يؤدي آلي التشويه، او على الأقل من النوع المتعادل الذي يحدث تأثيرات فسيولوجية تضعف من قوة الفرد، فمن الصعب اذن ان يؤدي تجمع هذه الطفرات الوراثية آلي التغيرات اللازمة لنشأة أنواع جديدة تعتبر أكثر تقدما ورقيا من أسلافها.
وقد تؤدي الطفرة في بعض الحالات النادرة آلي تحسين صفة من الصفات، كما يحدث في جناح الدروسوفيلا. ولكن اجتماع هذه الصفة مع بعض الصفات الاخرى التي تطرأ على الجناح، يؤدي آلي تكوين حشرات أقصر عمرا وأقل قدرة على الحياة. ولكن دعنا نسلم جدلا بحدوث طفرات نادرة تصحبها تحسينات تبلغ ١% فكم تحتاج مثل هذه الطفرات من الأجيال لكي تتراكم ويظهر أثرها وينتج عنها نوع جديد؟ لقد وضح (باتو) في كتابه (التحليل الرياضي لنظرية التطور) ، ان تعميم صفة من الصفات عن طريق الطفرة في سلالة من السلالات، لا يمكن ان يستغرق اقل من مليون جيل من الأجيال المتتابعة. وحتى لو سلمنا بقدم الأحقاب الجيولوجية كما يقدرها الجيولوجيون، فمن الصعب ان نتصور كيف ان حيوانا حديثا نسبيا مثل الحصان قد نشأ من سلفة كان عدد الأصابع في قدمه خمسا في الفترة من العصر الحجري (الأيوسيني) الحديث حتى الان.
واخيرا فان دراسة الكروموسومات المعقدة التي تحمل عوامل الوراثة تبين كثيرا من الاختلافات في تركيبها وتنظيمها حتى بين الانواع المتقاربة. ويقول دوبزانسكي في كتابة (الوراثة ونشأة الأنواع) ان التزواج بين الكروموسومات وما يصحبه من عمليات قطع ووصل في أجزائها، يؤدي آلي اختلافها بعضها عن بعض وهو اختلاف ضروري لاستمرار حياتها وأدائها لوظائفها الحيوية، فقد ثبت انه اذا كانت الكروموسومات متشابهة كل التشابة، فانها تعجز عن القيام بعملية الازدواج. فكيف تحدث هذه الاختلافات المستمرة في اشكال الكروموسومات وفي طريقة تنظيمها؟
ان المقام لا يتسع لضرب أمثلة عديدة اخرى لاثبات ان نظرية التطور المادي لا تستطيع ان تفسر لنا تلك الاختلافات العديدة التي نشاهدها في عالم الأحياء. انها جميعا تشير آلي