أعلن رب العزة لعباده في كتابه المنزل منذ أربعة عشر قرناً أن الساعة قد اقتربت، وآن أوان وقوعها (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ)[القمر: ١] ، وانشقاق القمر إحدى الأمارات الدالة على قرب وقوعها، ولما كانت الساعة قد اقتربت قرباً عظيماً فإن القرآن يصور أنها أتت وحضرت (أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ)[النحل: ١] .
ولو كان البشر يوقنون بما أنزل الله بقلب مبصر، وعقل حاضر مدرك لَهَاَلهُم الأمر، وملك عليهم نفوسهم، ولذلك كان حالهم عجباً، الخطر قريب قريب، ومع ذلك فإنهم غافلون عن الهول الذي يكاد يطبق عليهم، ويحيط بهم (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ - مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ - لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)[الأنبياء: ١-٣] ، ولذا فإنه قد كثر في القرآن تحذير العباد من الساعة، والأمر بالاستعداد لها، وعبر عنها بالغد، وهو اليوم التالي لليوم الذي تعيش فيه (وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)[الحشر: ١٨] .
قد يقال: كيف يكون قريباً ما مضى على الإخبار بقرب وقوعه ألف وأربعمائة عام؟ والجواب أنه قريب في علم الله وتقديره، وإن كانت المقاييس البشرية تراه بعيداً (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا - وَنَرَاهُ قَرِيبًا)[المعارج: ٦-٧] .