للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) [ص: ٨٦] .

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدباراً، فقال: " اللهمّ سبع كسبع يوسف " قال: فأخذتهم سنة حصَّت (١) كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع، وينظر إلى السماء أحدهم فيرى كهيئة الدخان، فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد، إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله لهم، قال الله عز وجل: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ - يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الدخان: ١٠-١١] إلى قوله: (إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) [الدخان: ١٥] ، قال: أفيكشف عذاب الآخرة: (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ) [الدخان: ١٦] فالبطشة الكبرى يوم بدر، وقد مضت آية الدخان، والبطشة، واللزام، وآية الروم (٢) (٣) . فابن مسعود يرى أنها قد مضت وانقضت، واستدل على ذلك بأن العذاب الذي يقع بالكافرين في الآخرة لا يكشف عنهم، والآية تنص أن الله رافع عنهم العذاب قليلاً، وذهب مذهب ابن مسعود جماعة من السلف كمجاهد وأبي العالية، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وعطية العوفي، وهو اختيار ابن جرير (٤) .

وقد رجح ابن كثير أن آية الدخان لم تأت بعد، وأورد في ذلك حديث أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن ربكم أنذركم ثلاثاً: الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه.


(١) السنة القحط، وحصت: استأصلت.
(٢) آية اللزام يشير بها إلى قوله تعالى: (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) [الفرقان: ٧٧] .
وآية الروم يريد بها قوله تعالى: (الم - غُلِبَتِ الرُّومُ - فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم: ١-٣] .
(٣) رواه مسلم: (٤/٢١٥٧) ، حديث رقم (٢٧٩٨) ، وقال ابن كثير في تفسيره (٦/٢٤٦) هذا الحديث مخرج في الصحيحين، ورواه أحمد وهو عند الترمذي والنسائي في تفسيريهما.
(٤) تفسير ابن كثير: (٦/٢٤٧) .

<<  <   >  >>