للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أن هذا الحشر يكون في آخر عمر الدنيا، حين تخرج النار من قعر عدن، وتحشر الناس إلى بلاد الشام (١) .

يقول ابن كثير في هذه الأحاديث: " فهذه السياقات تدل على أن هذا الحشر، هو حشر الموجودين في آخر الدنيا، من أقطار محلة الحشر، وهي أرض الشام، وأنهم يكونون على أصناف ثلاثة:

فقسم يحشرون طاعمين كاسين راكبين، وقسم يمشون تارة ويركبون أخرى، وهم يعتقبون على البعير الواحد، كما تقدم في الصحيحين: " اثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وعشرة على بعير " يعني يعتقبونه من قلة الظهر، كما تقدم، كما جاء مفسراً في الحديث الآخر، وتحشر بقيتهم النار، وهي التي تخرج من قعر عدن، فتحيط بالناس من ورائهم، وتسوقهم من كل جانب، إلى أرض المحشر، ومن تخلف منهم أكلته.

وهذا كله مما يدل على أن هذا في آخر الدنيا، حيث الأكل والشرب، والركوب على الظهر المستوي وغيره، وحيث يهلك المتخلفون منهم بالنار.

ولو كان هذا بعد نفخة البعث، لم يبق موت ولا ظهر يسري، ولا أكل ولا شرب، ولا لبس في العرصات. والعجب كل العجب أن الحافظ أبا بكر البيهقي بعد روايته لأكثر هذه الأحاديث، حمل هذا الركوب على أنه يوم القيامة، وصحح ذلك، وضعف ما قلناه، واستدل على ذلك بقوله تعالى: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا - وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا) [مريم: ٨٥] .


(١) فتح الباري: (١١/٣٨٠-٣٨٩) ، التذكرة: ص ٢٠٠.

<<  <   >  >>